أن يعلم أنّ كلام الشيخ في هذه الحجّة وإن لم يكن ظاهرا في التسوية بين حالتي إمكان الجمع وعدمه إلّا أنّ سوق عبارته في هذه المسألة يشعر بذلك حيث قال : « إذا شهد شاهدان أنّه ولغ الكلب في واحد من الإنائين وشهد آخران أنّه ولغ في الآخر سقطت شهادتهما وبقي الماء على أصل الطهارة » ثمّ حكى عن بعض العامّة ما يقتضي الفرق بين صورتي التنافي وعدمه. وأنّه حكم بنجاستهما في الثاني.
واحتجّ الشيخ بعد ذلك على ما اختاره بالحجّة التي حكيناها (١) ، ودلالة ذلك على تسويته بين الصورتين ظاهر. على أنّ كلامه في الحجّة ربّما أفهم كونه ناظرا في إسقاط الشهادتين والحكم بالطهارة إلى عدم قبول البيّنة بالنجاسة كقول ابن البرّاج ولم أقف له على ما يخالف ذلك في هذا الكتاب. والعبارة المحكيّة عن المبسوط سابقا لا تخلو عن إيذان بالتردّد في هذا الحكم أيضا ، وهو يقرّب احتمال البناء عليه هنا. غير أنّ القول بذلك لا يعرف لغير ابن البرّاج فليتأمّل.
وأمّا حجّة العلّامة فالذي يتعلّق منها بصورة إمكان الجمع حسن ؛ لأنّ فرض قبول البيّنة في كلّ من الإنائين مع الانفراد يقتضي القبول مع الاجتماع ؛ للقطع بعدم تأثيره حيث لا تنافي (٢) كما هو المقدّر. وأمّا ما ذكره في صورة عدم الإمكان فيرجع إلى كلام الشيخ في الخلاف وقد علم حاله.
والعلّامة تنبّه لورود المناقشة على ما ذكره في الصورة الثانية بما أشرنا إليه وحاول الجواب عنها فقال :
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٠١ ، والمجموع ١ : ١٧٨.
(٢) في « أ » و « ب » : حيث لا ينافي.