أو نحو ذلك (١) ، كما سيجيء في إنّما. لا يقال : هذا (٢) يقتضي جواز أن يكون منفيّا قبلها بلا العاطفة الأخرى نحو : جاءني الرّجال لا النّساء لا هند. لأنّا نقول : (٣) الضّمير (٤) لذلك المشخّص ، أي بغير لا العاطفة الّتي نفى بها ذلك المنفيّ ، ومعلوم (٥) أنّه يمتنع نفيه قبلها بها لامتناع أن ينفى شيء بلا قبل الإتيان بها ، وهذا (٦) كما يقال : دأب الرّجل الكريم أن لا يؤذي غيره ، فإنّ المفهوم منه أن لا يؤذي
______________________________________________________
(١) أي من الأفعال المتضمّنة للنّفي ، وليس هو معناها صريحا مثل أبى وامتنع وكفّ ، فإنّ معناها الصّريح ثبوت الإباء والامتناع والكفّ ، فيقال : امتنع القوم عن المجيء لا عمرو ، وكفّ القوم أنفسهم عن القتال لا عمرو ، وأبى القوم عن السّير لا عمرو.
(٢) أي ما ذكر في بيان قوله : «بغيرها» ، «يقتضي جواز ...» لأنّ المصنّف لم يشترط إلّا أن لا يكون المنفيّ منفيّا قبلها بغيرها لا بها ، والمتبادر أنّ المراد بغير لا غير نوعها من أدوات النّفي ، وحينئذ يكون المثال المذكور صحيحا ، لأنّ هند ليست منفيّة قبلها بغير نوعها ، بل منفيّة بها.
(٣) أي حاصل الجواب : إنّ المراد غير شخص لا ، ومنه لا أخرى قبلها ، وحينئذ ، فلا يصحّ المثال المذكور ، لأنّ هند منفيّ بغير شخص لا الدّاخلة عليها ، قبل التّصريح بها.
(٤) أي الضّمير في قوله : «بغيرها لذلك المشّخص».
(٥) جواب عن سؤال مقدّر ، تقرير السّؤال : أنّ ما ذكرته في بيان فائدة قوله : «بغيرها» من أنّ الضّمير راجع إلى شخص لا ، وإن كان لا يقتضي التّجويز الّذي ذكره القائل إلّا أنّه يقتضي جواز كون المنفيّ بها منفيّا قبلها بشخصها ، إذ غيرها لا يشمل شخصها مع أنّ هذا غير جائز ، فكان الواجب إدخالها في أدوات في الحكم بعدم الجواز.
وحاصل الجواب : إنّ هذا معلوم استحالته ، إذ لا يمكن أن ينفى بشيء شيء قبل وجوده ، وإذا كان محالا لا يتأتّى وجوده ، فلا معنى للاحتراز عنه ، وقد أشار إليه الشّارح بقوله : «إنّه» أي الشّأن «يمتنع نفيه» أي المنفيّ بلا «قبلها» أي لا «بها» أي بلا.
(٦) أي قوله : «بغيرها» في تناوله لا العاطفة الأخرى ، كقولك : دأب الرّجل الكريم أن لا يؤذي غيره ، في تناول الغير هنا الرّجل الكريم الآخر ، فكما لا يختصّ الغير هنا باللّئيم ، فكذلك لا يختصّ الغير هناك بباقي الأدوات.