(رجب ، ذي القعدة ، ذي الحجّة ، محرم).
ثمّ تضيف الآية أنّ هذا القانون لا يخلوا من الاستثنائات ، فلا ينبغي السّماح لبعض المجموعات الفاسدة لاستغلال هذا القانون في إشاعة الظلم والفساد ، فعلى الرّغم من أنّ الجهاد حرام في هذه الأشهر الحرم ، ولكنّ الصد عن سبيل الله والكفر به وهتك المسجد الحرام وإخراج الساكنين فيه وأمثال ذلك أعظم إثما وجرما عند الله (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) (١).
ثمّ تضيف الآية بأنّ إيجاد الفتنة والسعي في إضلال الناس وحرفهم عن سبيل الله ودينه أعظم من القتل (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) لأنّ القتل ما هو إلّا جناية على جسم الإنسان، والفتنة جناية على روح الإنسان وإيمانه (٢) ، ثمّ إنّ الآية تحذّر المسلمين أن لا يقعوا تحت تأثير الإعلان الجاهلي للمشركين ، لأنّهم لا يقنعون منكم إلّا بترككم لدينكم إن استطاعوا (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا).
فينبغي على هذا الأساس أن تقفوا أمامهم بجزم وقوّة ولا تعتنوا بوسوساتهم وأراجيفهم حول الأشهر الحرم ، ثمّ تنذر الآية المسلمين وتحذّرهم من الارتداد عن دين الله (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
فما أشدّ عقاب المرتد عن الإسلام ، لأنّ ذلك يبطل كلّما قدّمه الفرد من عمل صالح ويستحق بذلك العذاب الإلهي الأبدي.
ومن الواضح أنّ الأعمال الصّالحة لها آثار طيّبة في الدنيا والآخرة ،
__________________
(١) «صدّ» مبتدأ ، «كفر» و «إخراج أهله» معطوف عليه ، و «اكبر» خبرها وهو ما ذهب إليه الطبرسي في «مجمع البيان» والقرطبي في تفسير «الجامع».
(٢) قدمنا بحثا مفصلا عن معنى «الفتنة» في ذيل الآية (١٩١) من هذه السورة المبحوثة.