الحقيقة أنّ هذه العبارة تبيّن علّة اجتناب الجماع في أيّام الحيض ، فهو إضافة إلى ما فيه من اشمئزاز ، ينطوي على أذى وضرر ثبت لدى الطبّ الحديث ، ومن ذلك احتمال تسبيب عقم الرجل والمرأة ، وإيجاد محيط مناسب لتكاثر جراثيم الأمراض الجنسية مثل السفلس والتهابات الأعضاء التناسلية للرجل والمرأة ، ودخول مواد الحيض المليئة بمكروبات الجسم في عضو الرجل ، وغير ذلك من الأضرار المذكورة في كتب الطب ، لذلك ينصح الأطباء باجتناب الجماع في هذه الحالة.
خروج دم الحيض يعود إلى احتقان الرحم وتسلّخ جداره ، ومع هذا الاحتقان يحتقن المبيض أيضا ، ودم الحيض في البداية يكون متقطّعا باهت اللون ثمّ يزداد ويحمرّ ويعود في الأخير إلى وضعه المتقطّع الباهت (١).
الدم الخارج في أيّام العادة الشهرية هو الدم الذي يتجمّع شهريا في العروق الداخلية للرحم من أجل تقديم الغذاء للجنين المحتمل. ذلك لأنّ مبيض المرأة يدفع كلّ شهر ببويضة إلى الرحم ، وفي نفس الوقت تمتلئ عروق الرحم بالدم استعداد لتغذية الجنين فإن انعقد الجنين يستهلك الدم لتغذيته ، وإلّا يخرج بشكل دم حيض. من هنا نفهم جانبا آخر لحظر الجماع في هذه الفترة التي يكون الرحم خلالها غير مستعد استعداد طبيعيا لقبول نطفة الرجل، حيث يواجه أذى من جراء ذلك.
جملة (يطهرن) بمعنى طهارة النساء من دم الحيض كما ذهب إليه كثير من المفسّرين،وأمّا جملة (فَإِذا تَطَهَّرْنَ) فقد ذهب الكثير منهم على أنّها تعني الغسل من الحيض،فعلى هذا الأساس وطبقا للجملة الاولى تكون المقاربة الجنسيّة بعد
__________________
(١) مقتبس من إعجاز القرآن : ص ٥٥ ـ ٥٦.