١ ـ تقول الآية (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (١).
والمراد بهذه الأشهر : هي شوال ، ذي القعدة ، ذي الحجّة (شهر ذي الحجّة بكامله أو العشرة الأوائل منه) وهذه الأشهر تسمّى (أشهر الحجّ) لأنّ قسما من أعمال الحجّ والعمرة لا يمكن الإتيان بها في غير هذه الأشهر ، وقسما آخر يجب الإتيان بها في اليوم التاسع إلى الثاني عشر من شهر ذي الحجّة ، والسبب في أنّ القرآن الكريم لم يصرّح بأسماء هذه الأشهر لأنّها معلومة للجميع وقد أكّد عليها القرآن الكريم بهذه الآية.
ثمّ إنّ هذه الآية تستبطن نفيا لأحد التقاليد الخرافيّة في الجاهليّة حيث كانوا يستبدلون هذه الأشهر بغيرها في حالة حدوث حرب بينهم فيقدّموا ويؤخّروا منها كيف ما شاؤوا ، فالقرآن يقول : «إنّ هذه الأشهر معلومة ومعيّنة فلا يصحّ تقديمها وتأخيرها» (٢).
٢ ـ ثمّ تأمر الآية الكريمة فيمن أحرم إلى الحجّ وشرع بأداء مناسك الحجّ وتقول:(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ).
(رفث) بالأصل بمعنى الكلام والحديث المتضمنّ ذكر بعض الأمور القبيحة أعمّ من الأمور الجنسيّة أو مقدّماتها ، ثمّ بات كناية عن الجماع ، ولكنّ البعض ذهبوا إلى أنّ مفردة (رفث) لا تطلق على هذا النوع من الكلام إلّا في حضور النساء ، فلو كان الحديث في غياب النساء فلا يسمّى بالرّفث (٣).
وذهب البعض إلى أنّ الأصل في هذه الكلمة هو الميل العملي للنّساء من
__________________
(١) بما أن الحج ليس هو الأشهر نفسها ، لذا ذهب المفسرون إلى وجود تقدير وهو : «أشهر الحج أشهر معلومات» ، وذهب بعض إلى عدم وجود تقدير ، واحتملوا أن الجملة كناية عن شدة ارتباط الحج بهذه الأشهر الخاصّة وكأنه هو هي.
(٢) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٩٣ ـ التفسير الكبير ، ج ٥ ، ص ١٦٠.
(٣) التفسير الكبير ، ج ٥ ، ص ١٦٤.