استقلاله الكامل دون أن يقوم على أساس اقتصادي قوي ، ولكن النشاط الاقتصادي في موسم الحجّ ينبغي طبعا أن ينضوي تحت الأبعاد العبادية والأخلاقية للحجّ ، لا أن يقدّم ويهيمن عليها. وواضح أنّ الحجّاج لهم الوقت الكافي قبل أعمال الحجّ وبعده لمثل هذا النشاط.
يروي هشام بن الحكم أنّه سأل الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام عن العلّة الّتي لأجلها كلّف الله العباد الحجّ والطواف بالبيت ، فقال «... فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ليتعارفوا ولينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ولينتفع بذلك المكاري والجمّال ... ولو كان كلّ قوم إنّما يتكلّمون على بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد وسقطت الجلب والأرباح ...»(١)
ثمّ تعطف الآية الشريفة على ما تقدّم من مناسك الحجّ وتقول (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ).
ثمّ تقول الآية في حديثها هذا : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) فهذا المقطع يتضمّن أمرا بالإفاضة أي بالاندفاع والحركة من المشعر الحرام إلى أرض منى.
ففي نهاية الآية تعطي أمرا بالاستغفار والتوبة وتقول : (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
ففي هذا المقطع من الآيات إشارة إلى ثلاث مواقف من مواقف الحجّ (عرفات) وهي صحراء وتقع على بعد ٢٠ كيلومترا تقريبا من مكّة ويجب على الحجّاج أن يقفوا في هذا المحل من ظهر يوم التاسع من ذي الحجّة إلى غروب
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ٨ ، كتاب الحجّ باب ١ من أبواب وجوب الحجّ ، ح ١٨.