تندرس كلّ الأحكام والقيم الأخلاقية وتفقد قيمتها وتختفي من حياة المجتمع.
٤ ـ هل الأمر بالمعروف يوجب سلب الحريات؟
في الإجابة على هذا السؤال لا بدّ من القول بأن النمط الجماعي للحياة وإن كان ـ بلا ريب ـ ينطوي على فوائد كثيرة لأفراد البشر ، بل إن هذه المزايا هي التي دفعت الإنسان ليختار الحياة الاجتماعية ، إلّا أنه ينطوي في مقابل ذلك على بعض التقييدات لحريات الأفراد ، ولكن بما أن ضرر هذه التقييدات الجزئية ضئيل تجاه الفوائد الجمة التي تنطوي عليها الحياة الاجتماعية اختار الإنسان النمط الاجتماعي منذ الأيّام الأولى من حياته على هذا الكوكب متحملا كلّ التقييدات.
وحيث إن مصائر الأفراد ترتبط ببعضها في الحياة الاجتماعية ، ويؤثر بعضها في بعض بمعنى أن الجميع في الحياة الاجتماعية يشتركون في مصير واحد ، لذلك كان حقّ النظارة على تصرفات الآخرين وسلوكهم حقّا طبيعيا تقتضيه الحياة الجماعية ، كما جاء ذلك في الحديث الرائع الذي نقلناه آنفا عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا المجال.
وعلى هذا فإن الأمر بالمعروف لا ينافي الحريات الفردية فحسب ، بل هو وظيفة كلّ فرد تجاه الفرد الآخر ، لأن من شأنه الإبقاء على سلامة الآخرين واستقامة أمورهم ، ومن ثمّ سلامة الفرد نفسه واستقامة أمره.
٥ ـ ألا يلازم الأمر بالمعروف الفوضى الاجتماعية؟
هناك سؤال آخر يطرح نفسه في هذا المجال وهو إذا سمحنا للناس بأن يتدخلوا في شؤون الآخرين وتكون لهم النظارة على أعمالهم وتصرفاتهم ، فإن ذلك يوجب وقوع الفوضى في المجتمع ، إذ تحصل بسببه المصادمات بين الأفراد ، ولأنه يخالف مبدأ توزيع الواجبات والمسؤوليات في الحياة الاجتماعية فما هو الجواب؟