إن لهذا الأسلوب ـ الذي لا بدّ أن نسميه بالأسلوب التربوي غير المباشر ـ أثرا بالغا في تحقيق الأهداف المرجوة من البرامج التربوية وتأثيرها فيمن يراد توجيههم وتربيتهم ، وذلك لأن الإنسان ـ في الأغلب ـ يهتم أكثر بما توصل إليه بنفسه من النتائج والأفكار والآراء وما انتهى إليه بفكره من التفاسير والتحاليل في القضايا المختلفة ، فإذا طرحت عليه قضية بصورة قطعية وصبغة جازمة ، قاومها أحيانا ، ولعله ينظر إليها كما ينظر إلى أية فكرة غريبة.
ولكن عند ما يطرح عليه الأمر في صورة التساؤل الذين يطلب منه الجواب عليه حسب قناعته الشخصية ثمّ يسمع ذلك الجواب من أعماق ضميره وفؤاده ، فإنه لا يسعه حينئذ أن يقاوم هذا الجواب ويعاديه ، بل ينظر إليه نظر العارف به ، ولن تعود لديه ـ حينئذ ـ تلك الفكرة الغريبة البعيدة ، بل تكون الفكرة القريبة إلى قلبه ، المأنوسة إلى فؤاده.
إن هذا الأسلوب من التوجيه والإرشاد مؤثر غاية لتأثير خاصة مع المعاندين ، وكذا الأطفال والناشئين.
ولقد استفاد القرآن الكريم من هذا الأسلوب التربوي الرائع المؤثر في مواضع عديدة نذكر منها بعض النماذج :
١ ـ (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (١).
٢ ـ (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (٢).
٣ ـ (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) (٣).
* * *
__________________
(١) الزمر : ٩.
(٢) الأنعام : ٥٠.
(٣) الرعد : ١٦.