العملي بمعنى أن أعمالهم تعتبر أفضل مثل ، وخير وسيلة تربوية للآخرين ، لأن التبليغ بلسان العمل أشد تأثيرا ، وأقوى أثرا من التبليغ بأية وسيلة أخرى ، وهذا إنما يمكن إذا كان المبلّغ من نوع البشر وجنسه بخصائصه ، ومواصفاته الجسمية ، وبذات غرائزه وبنائه الروحي.
فإذا كان الأنبياء من جنس الملائكة ـ مثلا ـ كان للبشر الذين أرسل الأنبياء إليهم أن يقولوا : إذا كان الأنبياء لا يعصون أبدا ، فلأجل أنهم من الملائكة ليست في طبائعهم الشهوات والغرائز ، ولا الغضب ولا الحاجة.
وهكذا كانت رسالة الأنبياء ومهمتهم تتعطل وتفقد تأثيرها ، ولا تحقق أغراضها.
ولهذا اختير الأنبياء من جنس البشر ومن فصيلة الإنسان بغرائزه ، واحتياجاته ، ليمكنهم أن يكونوا أسوة لغيرهم من البشر ، وقدوة لسواهم من بني الإنسان.
ثمّ إن الله سبحانه يقول واصفا مهمات هذا النبي العظيم : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقوم بثلاثة أمور في حقّهم :
١ ـ تلاوة آيات الله على مسامعهم ، وإيقافهم على هذه الآيات والكلمات الإلهية.
٢ ـ تعليمهم بمعنى إدخال هذه الحقائق في أعماق ضمائرهم وقلوبهم.
٣ ـ تزكية نفوسهم ، وتنمية قابلياتهم الخلقية ، ومواهبهم الإنسانية.
ولكن حيث إن الهدف الأصلي هو «التربية» لذلك قدمت على «التعليم» مع أن الحال ـ من حيث الترتيب الطبيعي ـ تقتضي تقديم التعليم على التربية.
إن الذين يبتعدون عن الحقائق الإنسانية بالمرة ، ليس من السهل إخضاعهم