يسمّيها القرآن (خطوات الشيطان).
(خطوات) جمع «خطوة» وهنا تكرّرت هذه الحقيقة من أنّ الانحراف عن الصلح والعدالة ، والتسليم لإرادة الأعداء ودوافع العداوة والحرب وسفك الدماء يبدأ من مراحل بسيطة وينتهي بمراتب حادّة وخطرة كما في المثل العربي المعروف (إنّ بدو القتال اللّطام).
فتارة تصدر من الإنسان حركة بسيطة عن عداء وحقد وتؤدّي إلى الحرب والدّمار، ولهذا تخاطب الآية المؤمنين أن يلتفتوا إلى نقطة البداية كي لا تؤدّي شرارات الشرّ الاولى الاشتعال لظى المعارك والحروب.
وجدير بالذّكر أنّ هذا التعبير ورد في القرآن الكريم خمس مرّات وفي غايات مختلفة.
وذكر بعض المفسّرين أنّ (عبد الله بن سلام) وأتباعه الذين كانوا من اليهود وأسلموا طلبوا الإذن من رسول الله بقراءة التوراة في الصلاة والعمل ببعض أحكامها ، فنزلت الآية الآنفة الذكر ونهت هؤلاء عن إتّباع خطوات الشيطان (١).
ومن شأن النزول هذا يتبيّن أنّ الشيطان ينفذ في فكر الإنسان وقلبه خطوة خطوة ، فيجب التصدّي للخطوات الاولى لكيلا تصل إلى مراحل خطرة.
وتتضمّن جملة (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) برهانا ودليلا حيّا حيث تقول إنّ عداء الشيطان للإنسان ليس بأمر خفي مستتر ، فهو منذ بداية خلق آدم أقسم أن يبذل جهده لإغواء جميع البشر إلّا المخلصين الّذين لا ينالهم مكر الشيطان ، فمع هذا الحال كيف يمكن تغافل وسوسة الشيطان.
الآية التالية إنذار لجميع المؤمنين حيث تقول (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فلو انحرفتم وسرتم مع
__________________
(١) تفسير القرطبي ، المجلد الثاني ، ص ٨٣٢.