إنما تستلزم الغرابة إن اختص بالوجه دون ما يطلب أن يشبه به أو لم يختص به ، ولكن إنما يوجد فى مثله فى الغرابة فلا يقع التشبيه حتى يحصل التأمل ، وأما إن وجد فيما لا يندر حضوره كان العدول إلى نادر الحضور مع ابتذال الوجه ووجوده فى غيره عديم الفائدة ، فلا يكون مما يستحسن ولا يدخل فى جملة الغريب ، فإنك لو قلت : والشمس كالمرآة فى كف الأشل فى كونها جرما وكالجبل فى كونه جرما لم يكن فرق بين التشبيهين فى الابتذال والقبح كما لا يخفى ، وأما الجواب بأن الوجه مؤخر عن الطرفين ؛ لأنه هو الجامع لهما ، ولا يقال ما الجامع بين هذين حتى يتصورا ، فلا يطلب هو حتى يوجدا ويحضرا ، فإذا حضرا وكان المشبه به غريبا منهما كان الإلحاق به بذلك الوجه غريبا أيضا ، لتبعيته للمشبه به فى طلبه ؛ لأن التابع لإدراك الغريب غريب الإدراك ، فلا يتم إلا إذا رد لمثل ما ذكرنا بأن يكون المعنى أنا لما احتجنا إلى المشبه به فلاختصاصه بالوجه دون ما يطلب التشبيه به كانت ندرته ندرة لما يختص به ، أو يختص به مع ما هو مثله فى الغرابة ، وإلا فيرد عليه أن يقال أول ما يخطر بالبال المشبه ويحضر معه الوجه الذى أريد التشبيه بوجوده ، فإذا أحضرنا مشبها به غريبا وطلبنا وجود الوجه فيه بعد وجوده وكان ذلك الوجه موجودا فى غيره مما يبتذل ، لزم قطعا كون التشبيه مبتذلا ، فالحكم بثبوته للطرفين ولو تأخر عنهما لا يوجب الغرابة ، ولو كان أحدهما غريبا وهو المشبه به الذى اشترط فيه ذلك ، إلا إن كان الوجه مختصا به كما مثلنا ، وإلا كان أعم فلا يلزم من غرابته غرابة تابعة ، فلا يكون مما لا فائدة لغرابته ، بل يزيد التشبيه نفرة وبرودة كما بيناه فى المثال السابق ، وليتأمل ولا يقال إدراكه فى المشبه يزيل غرابته ؛ لأنا نقول لا يزيلها من حيث تعلقه بالمشبه به الذى هو مناط الانتقال ، فهو غريب من تلك الحيثية ، (والمراد بالتفصيل) المحكوم عليه هنا بإيجابه حسن التشبيه ونفى الابتذال أن بوجود متعدد انفصلت حقيقة بعضه عن بعض فى نفس الأمر وإن اعتبر المجموع شيئا واحدا ، وذلك يتحقق ب (أن ينظر فى أكثر من وصف) واحد فيجعل وجه شبه ، وذلك الأكثر المجعول وجه شبه يكون وصفا لشيء واحد شبه بغيره كالوجه فى الثريا المشبهة بالعنقود ، فإنه أشياء ـ كما تقدم ـ اعتبر تضامها من شكل أجزائها ولونها ومقدار