إنشاء المجاز في كلام العرب والمولدين ؛ بمعنى : أنا إذا عرفنا أنهم استعملوا لفظا في سبب معناه أو في المسبب عن معناه جاز لنا أن نستعمل لفظا آخر لمثل تلك العلاقة ، أو لعكسها ؛ لوجود الربط في كليهما ، ولا نقتصر على ما استعملوه فقط. فإن لم تكن العلاقة واستعمل اللفظ في غير معناه لانتفاء هذا المعنى خارجا : فإن كان عمدا فهو كذب ، وهو مما لا يلتفت لإخراجه من الحد وإن كان حقيقة ؛ لأن المفهوم منه معناه الأصلي ولو كان غير مطابق. وإن كان غلطا : فإن كان الغلط في الاعتقاد كأن يقول : انظر هذا الأسد مشيرا للفرس معتقدا أنه الرجل الشجاع صدق عليه حد المجاز ؛ لأنه في اعتقاده الذي هو المعتبر استعمله في غير معناه لعلاقة ، وإن لم يصب في ثبوت العلاقة في المشار إليه ؛ ولهذا إذا استعمله في معناه في اعتقاده فقال : انظر إلى الأسد ؛ معتقدا أنه هو الحيوان المعلوم فإذا هو فرس فهو حقيقة ؛ لاستعماله في معناه الأصلي في اعتقاده ؛ وإن لم يصب.
وإن كان الغلط في اللفظ فهو خارج عن الحد ؛ وهذا هو المراد بقوله : واشتراط العلاقة التي اقتضاها كون الاستعمال على وجه يصح بأن يكون لا ينكر عند العقلاء إنما هو ليخرج الغلط عن تعريف المجاز. وأراد بالغلط : اللفظي كما بينا. فإذا قال : خذ هذا الفرس مشيرا لكتاب ومريدا له صدق عليه أنه استعمل في غير معناه لكن لا على وجه يصح ، لأنه بلا علاقة ؛ فيخرج عن حد المجاز. ثم أشار إلى ما يخرج بقوله : مع قرينة عدم إرادته بقوله : (و) اشتراط وجود قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلي لتخرج (الكناية) حيث يصدق عليها أنها لفظ استعمل في غير معناه بقرينة لكن ليست مانعة من إرادة المعنى الأصلي ؛ لأنها كما سيأتي لا بد أن يكون استعمالها في غير ما وضعت له مقارنا لتحقق جواز إرادة المعنى الأصلي ؛ والمراد بجواز إرادة المعنى الأصلي أن لا ينصب القرينة على انتفائه ؛ فعلى هذا إذا انتفى المعنى الأصلي عن الكناية ولم ينصب علم المخاطب بانتفائه قرينة لم ينتف عنها اسم الكناية ، وليس المراد أن يوجد المعنى الأصلي معها دائما ، فإنك إذا قلت فلان طويل النجاد ـ كناية عن طول القامة ـ صح على أن اللفظ كناية ولو لم يكن له نجاد ، وذلك حيث لا تقصد جعل علم