أي وكالتشبيه والتخييل الكائنين (في قول الآخر (١) ولئن نطقت بشكر برك) أي : بشكر إحسانك وعطفك حال كوني (مفصحا) بذلك الشكر ولما صح أن يكون النطق على وجه الإجمال كان قوله : مفصحا حال مؤسسة وجواب الشرط مقدر أي فلا يكون لسان مقالي أقوى في النطق من لسان حالي ، فحذف هذا الجواب وأقام مقامه لازمه وهو قوله : (فلسان حالي بالشكاية أنطق) هذه القضية اتفاقية لدفع ما يتوهم من كون النطق الحسي لا يجامعه كون النطق الحالي أقوى منه فقوله : فلسان حالي أنطق بالشكاية (شبه) فيه (الحال بإنسان متكلم) فأضمر التشبيه في النفس ومعلوم أن التشبيه بين الحال وذلك الإنسان إنما هو (في الدلالة) أي وجه الشبه فيهما هو دلالة الحاضر (على المقصود ف) أضمر التشبيه في النفس استعارة بالكناية كما تقدم ثم (أثبت لها) أي أثبت للحال (اللسان الذي به قوامها) أي به حصل قوام تلك الدلالة وأصل قوام الشيء ما يقوم به ويوجد منه كأجزاء الشيء ولذلك يقال في الخيوط التي يضفر منها الحبل إنها قوامه والمراد به هنا نفس قوام الشيء أي : وجوده وتحققه ، وذلك أن الدلالة في الإنسان المتكلم وهو المشبه به لا تقرر لها من حيث إنه متكلم حقيقة إلا باللسان وأما وجودها من الإنسان بالإشارة فلا يرد ؛ لأن المشبه به على ما ذكر المصنف هو الإنسان من حيث إنه متكلم لا من حيث إنه مشير ، ولما أثبت لها اللسان الذي به القوام كان ذلك الإثبات استعارة تخييلية ، وقد تقدم وجه تسميتها تخييلية فتحصل مما تقرر عند المصنف أن لفظى الأظفار والمنية كل منهما حقيقة لاستعمالهما في معناهما الحقيقي ، وهو ما وضع له في الأصل ، وكذا لفظ الحال واللسان وليس في كلا البيتين ، وكذا كل ما يشبههما مجاز لغوي أصلا ؛ لأنه لفظ والموجود فيهما على ما ذهب إليه المصنف كما تقدم فعلان من أفعال النفس وأحد الفعلين في الأول إضمار تشبيه المنية بالأسد في النفس ، وذلك الإضمار كما تقدم فعل من الأفعال وثانيهما فيه إثبات الأظفار للمنية وأحد الفعلين في الثاني إضمار تشبيه الحال بالإنسان المتكلم وثالثهما فيه إثبات اللسان لها ويسمى الأول وهو الإضمار فيهما استعارة بالكناية ، ويسمى الثاني وهو إثبات ما به كمال الوجه أو قوامه فيهما استعارة تخييلية كما تقدم ، وهذان
__________________
(١) البيت في شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ٥٢) وهو للعتبى ، وفى الإشارات ص (٢٢٨).