تعريف الحقيقة : هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له مفيدا للمراد من غير حاجة لزيادة قيد اصطلاح التخاطب إذ مفاده حينئذ أنها هي المستعملة فيما وضعت له من حيث إنها وضعت له ، ويؤيد ذلك تعليق الاستعمال بما يشعر بكونه علة لذلك الاستعمال ؛ لأن الوضع يناسبه الاستعمال ضرورة أن اللفظ إنما يوضع لمعنى يستعمل فيه ؛ فإن تعليق الحكم على وصف مناسب يشعر بعليته ، كما إذا قلت : الجواد لا يخيب السائل أي : هو من حيث إنه جواد لا يتصف بالتخييب ؛ لأن المنافي للتخييب هو الجود فهو العلة في نفيه ، وأما لو روعي مصدوقه بعد مفارقة الوصف وهو كونه إنسانا صح أن يخيب لعروض البخل ، فتسليم القضية إنما هو باعتبار الوصف ، وكذا إذ قلت : أطعم المسكين كان تعليق الأمر بالإطعام بوصف المسكين يشعر كما لا يخفى بعلية المسكنة ، وإذا تقرر رعاية الحيثية في الأمر الواحد الذي أريد بيان تلك الأمور المختلفة فيه بالاعتبار ، وأكد ذلك في التعريف المذكور تعليق الاستعمال فيه على وصف يناسب كونه علة له وهو الوضع وكان المعنى أن الحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له من حيث إنها وضعت له خرج عن الحد جزما مثل الصلاة تستعمل بعرف الشرع في الدعاء إذ لم تستعمل من حيث الوضع بل من حيث إن المعنى جزء الموضوع أو لازمه وهو غير الموضوع له فكانت مجازا ، ودخل فيها جزما لفظها يستعمل في الدعاء باصطلاح اللغة ؛ لأنها استعملت فيه من حيث الوضع فعلى هذا لا يحتاج إلى اصطلاح التخاطب ؛ لأن الغرض منه الذي هو إخراج وإدخال مثل ما ذكر جزما حاصل بدونه ، وإنما لم يكتف في حد المجاز بالحيثية ؛ لأن مقتضاه على ما ذكر في تعريفه أن الاستعمال فيه في غير الموضوع من حيث إنه غير الموضوع ولم يستعمل في القصد الأول في الغير من حيث إنه غير بل من حيث إنه جزء أو لازم كما تقدم في صدر الفن ، وإن كان الجزء أو اللازم غيرا أيضا لكن الحيثية التي بها وقع التخالف بينه وبين الحقيقة بالمطابقة هو كونه في جزء أو لازم فزيد في اصطلاح التخاطب لإخراج ما ذكر بما هو أصرح وإن كان يمكن الإخراج برعاية الغيرية أيضا ، ولدفع توهم أن الغيرية هي الحيثية المرعية أصالة وذلك