الدعاء صدق عليها أنها كلمة استعملت في مطلق ما وضعت له وهو اللغة من غير تأويل في ذلك الوضع المطلق الصادق باللغوي في الحالة الراهنة ، فالعهدية التي وجدت في التعريف ليس فيها عهدية الوضع المعتبر في التخاطب فلا بد من التصريح بها ، وإلا فالكلام على أصله إذ لا دليل على غير أصله فيبقى البحث كما هو.
وقد اعترض على تعريف المجاز أيضا بأنه يتناول الغلط إذ لو قيل : خذ هذا الكتاب مشيرا إلى فرس صدق أن الكتاب استعمل في غير ما وضع له مع قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له ، وتلك القرينة هي الإشارة لغير معناه وأجيب بأن قوله مع قرينة على إسقاط المضاف أي : مع نصب القرينة ، ولا شك أن النصب يستدعي تقدم الاختيار في المنصوب والمشعور به ، وذلك مفقود ، نعم إن كان المعنى مع وجود قرينة مانعة دخل الغلط قطعا فى تعريف المجاز فليتأمل.
ثم أشار أيضا إلى تقسيم في المجاز للسكاكي تمهيدا للاعتراض عليه فقال (وقسم) السكاكي (المجاز اللغوي) إلى الراجع إلى حكم الكلمة أي إلى إعرابها كما في (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) أي : أهلها ، وسيأتي وإلى الراجع إلى معناها وهو اللفظ المستعمل في غير معناه ثم قسم الراجع إلى المعنى إلى قسمين : أحدهما ما تضمن الفائدة ، والآخر ما لم يتضمنها ، وعنى بما لم يتضمن الفائدة اللفظ الدال على المقيد إذا أطلق على المطلق كالمرسن فإنه أنف البعير يستعمل في أنف الإنسان من حيث إنه مطلق أنف لا من حيث تشبيهه به في الانبطاح ، مثلا قال : فإن إطلاق المقيد على المطلق لا فائدة له وفيه نظر ؛ لأنه إن عني فائدة مخصوصة كالمبالغة في التشبيه عند اقتضاء المقام إياه كما في الاستعارة وكإطلاق اسم الجزء على الكل حيث أريد إقامته مقامه للإشعار بأن لذلك الجزء خصوصية في الكل ، وأنه لا يتم إلا به
__________________
(١) يوسف : ٨٢.