بالاختصاص : أن غيرهما مقطوع بدخوله في التعريف ، وأما هما فيحتمل أن يدخلا بناء على أنهما لغويان ، وأن لا يدخلا بناء على أنهما من أفعال النفس. والتخصيص على هذا الوجه لا ينافى وجود الخلاف المعنوى فيهما كما سنبينه.
وأما قولك : اتفق على أن التخييل مجاز لغوى. فباطل إذ لم يتفق على أن التخييلية مجاز لغوى قطعا على معنى أنه كلمة استعملت فيما شبه بمعناها وإلا لما تأتي الخلاف إلا لفظيا وهو معنوى كما سيتبين ، وإنما اتفق على أنه مجاز كالمجاز العقلى ؛ إذ فيه إثبات الشيء لغير أهله ، وأنه استعارة بالمعنى السابق وهو أن اللفظ المسمى بالتخييل منقول لغير معناه وأثبت له ؛ فبرز فيه بروز المستعير فى العارية ، ولما كان هذا محل الوفاق ـ كما تقدم ـ يأتى الاختلاف في أنه : هل شبه بأمر وهمى يفرض هنالك معناه؟ فيكون التخييل أطلق عليه مجازا لغويا أو لا تشبيه فهو حقيقة لغوية ، وهذا الاختلاف معنوى قطعا إذ ما يترتب على كونه حقيقة خلاف ما يترتب على أنه مجاز ، وعلى كل حال فقد اتفق على أن اللفظ قد استعير وأثبت مدلوله لما لا يناسب معناه الأصلى ، فقد تبين أن تزييف كلام المصنف بما ذكر فاسد. نعم ، يقال : اعتراض المصنف على السكاكى بأن تفسيره يخالف تفسير غيره ، حاصله : أنه لم يقلد غيره ، وإذا صح خروجه عن مرتبة التقليد فى هذا الفن فله مخالفة الغير إذا صح ما يقول لا سيما في الأمر الذى يرجع إلى اختلاف فى الاعتبار ، ولم يهدم قاعدة لغوية كما في هذا ؛ إذ حاصله التصرف فيما اتفق على ما له ومعناه إنما زاد بهذا التصرف احتمالا يقبله الوضع ، والمقصود بالذات فإنه قد اتفق على أن الأظفار مثلا ما أثبتت لصاحبها واختلف ، هل يعتبر أمر وهمى ينقل إليه أو لا؟ مع الاتفاق على أن الأمر الوهمى عدم لا حاصل له خارجا ، وذلك لا يهدم قاعدة ولا يفسد حاصل المعنى ، وهو تشبيه ما أضيفت إليه بغيره ، ولو كان الخلف بنفسه معنويا ؛ إذ لا ضرر فيه باعتبار المقصود بالذات ، قيل : ولكن لا يخفى أن مخالفة الاصطلاح القديم من غير ضرورة مما لا ينبغى ، تأمله.
ثم أشار إلى اعتراض آخر على السكاكى فى تفسيره التخييلية فقال (ويقتضى) ما ذكره السكاكى فى التخييلية ، وهو أن يؤتى بلفظ اللازم للمشبه به ، ويستعمل مع المشبه لصورة وهمية تشبه بمعناه الذى هو لازم المشبه به (أن يكون الترشيح) أى : يقتضى صحة كون الترشيح استعارة (تخييلية) بل وصحة كون التخييلية ترشيحا ، والذى عليه المعتبرون من أهل الفن التفريق بينهما ، وإنما قلنا : إن مذهبه يقتضى ما ذكر (للزوم) صحة (مثل ما