معا ، وهو لزوم شيء لهما معا ؛ لأنهما اشتركا في هذا المعنى ، وهو كاف في الاجتماع والازدواج ، وإن كان اللازم للشرط هو الهوى واللازم للجواب هو الهجر.
وقد تبين أن معنى المزاوجة بين المعنيين في الشرط والجزاء أن يجمع بين الشرط والجزاء في ترتب لازم من اللوازم عليهما معا ، وليس معناها أن يزاوج أي : أن يقرن بين معنيين واقعين في الشرط ، وأن يقرن بين معنيين واقعين في الجزاء كما هو ظاهر عبارة المصنف ، بل أن يقرن بين معنيين وقع أحدهما في الشرط ، والآخر في الجزاء في لازم من اللوازم بمعنى أنه يجمع بين الشرط والجزاء في معنى واحد ؛ إذ لو كانت المزاوجة على المعنى الأول بأن يكون معنى المزاوجة في البيت أنه قرن بين معنيين في الشرط ، وهما نهي الناهي ولجاج الهوى ، وبين معنيين في الجزاء وهما إصاختها إلى الواشي ، ولجاج الهجر لزم أن قولنا : إذا جاءني زيد فسلم علي أجلسته وأنعمت عليه من المزاوجة ؛ لأنه قرن فيه بين معنيين في الشرط ، وهما مجيء زيد وسلامه ، وبين معنيين في الجزاء ، وهما إجلاسه والإنعام عليه ؛ لأنه يصدق الحد حينئذ على نحو هذا المثال ، ولا قائل بأن نحو هذا من المزاوجة فوجب الحمل على المعنى الأول ؛ إذ هو المأخوذ من كلام السلف من أهل البيان ، ولا يخفى ما في ترتب لجاج الهوى على النهي من المبالغة في الحب لاقتضائها إن ذكرها ولو على وجه العتب يزيد حبها ويثيره كما قال :
أجد الملامة في هواك لذيذة |
حبا لذكرك فليلمني اللوم (١) |
وما في ترتب لزوم الهجران على وشي الواشي من المبالغة في ادعاء كون حبها على شفا إذ يزيله مطلق الوشي فكيف يكون الأمر لو سمعت أو رأت عيبا؟ كما قال :
ولا خير في ود ضعيف تزيله |
سوابق وهم كلما عرضت جفا |
والمبالغتان مما يستحسن في باب كل منهما ، فمن شأن العاشق أن يوصف بمثل ما ذكر ، والمعشوق أن يوصف بالعكس تحقيقا لمعنى العشق ، وإلا كان مكافأة ومجازاة في الود ، فلا يكون من العشق في شيء قيل : إن فيما بين الشرط المذكور والجزاء معنى القلب ، إذ لجاج الهوى لزوم شيء للعاشق ، ولجاج الهجر لزوم عكسه للمعشوق ، ففي
__________________
(١) البيت لأبى الشيص فى الإيضاح ص (٣٤٨) ، وانظر الإشارات ص (٣١٤).