الاستعارة التحقيقية والمكنى عنها والتجريد ، وذلك بأن يكون بالكاف ونحوها لفظا أو تقديرا ، (فدخل فيه) ما ذكرت فيه أداة التشبيه من الكاف ونحوها ، كقولك : زيد كالأسد ، أو مثله ، ودخل فيه ما لم تذكر فيه أداة التشبيه ، وذلك (نحو قولنا : زيد أسد) بخلاف تلك الأداة ، لكن مع ذكر الطرفين معا ، (و) دخل فيه ما حذف فيه الأداة والمشبه نحو : (قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)(١)) فقد حذفت فيه الأداة والمشبه معا ؛ إذ الأصل : هم كصم الخ ، فحذف" هم" الذى هو المشبه والكاف ، وهذا بناء على أن ما حذفت فيه الأداة من التشبيه البليغ ، وهو مذهب المحققين ؛ لأن التركيب يشعر بالتشبيه ، إذ لا يصح الحمل إلا بتقدير الأداة ؛ وأنه ليس من الاستعارة ؛ إذ الاستعارة إنما تطلق حيث يطوى ذكر المستعار له بالكلية ، ويجعل الكلام الذى حذف فيه لفظ المستعار له خاليا عن ذكر المستعار له صالحا لأن يراد به المنقول عنه ، وهو المستعار منه ، دون المنقول إليه ، وهو المستعار له لو لا القرينة الحالية ، كقولنا : رأيت الأسد الآن فى موضع لا يرى فيه الأسد الحقيقى ، فإن هذا الكلام لو لا القرينة الحالية وجب حمل الأسد على ما تتعين إرادته على الراجح ، وهو الأسد الحقيقى أو قرينة الفحوى ، وهى القرينة اللفظية كقولنا : رأيت أسدا فى يده سيف ، فلو لا فى يده سيف تعينت إرادة ما يحمل عليه اللفظ وهو الأسد الحقيقى ؛ وإنما سميت فحوى ؛ لأن الفحوى فى الأصل ما يفهم من الكلام على وجه القوة ، والذى يفهم من القرينة اللفظية فهم من بعض أجزاء الكلام على وجه القوة ؛ وإنما قلنا : صالحا لأن يراد المنقول عنه دون المنقول له ، ولم نقل : صالحا لأن يراد هذا أو هذا ؛ لأن إرادة المنقول له ـ ولو صح عقلا أو نقلا باعتبار قصد الإفهام بناء على جواز المجاز بلا قرينة ـ خارجة عن الإرادة المعتبرة على الراجح ، فبنينا الكلام على الراجح ، وأما إذا بنينا على أن ما حذفت فيه الأداة كقولك : زيد أسد من الاستعارة بناء على أن حمل الأسدية على زيد لا يصح إلا بإدخاله فى جنس الأسد المعلوم ، كما فى الاستعارة ، فلا يدخل فى التشبيه وهو ظاهر.
__________________
(١) البقرة : ١٨.