منهم إلى جهة بلده ولم يبق معه إلا المهرة وخاصة عبيده ، فأرادوا القتال فمنعهم وولى عنهم إلى جهة إب من غير قتال ولا حرب ، فدخل المصريون تعز وصادروا التجار وفعلوا بها وبأهلها أعظم مماّ فعلوا بزبيد وأهلها ، وأقاموا بتعز إلى الجمعة الثانية ، ثم عزموا من تعز يوم الجمعة ثالث عشر صفر إلى جهة المقرانة ، وكان السلطان لما خرج من تعز أقام بإب ، فلما علم خروج المصريين إلى المقرانة توجّه إليها ، فدخلها قبلهم بليله عشية الخميس ، فحمل نساءه وما خفّ من الذخائر والأموال ، وأحرق بعض ما لم يقدر على حمله وفتح الخزائن وأمر كل أحد أن يحمل ما يقدر عليه ، فلما كان صبح يوم الجمعة أصبح المصريون تحت المقرانة ولم يتجاسروا على دخولها حتى أخبروا أنها خليّة من السلطان وجنده فدخلوها ، واستولوا عليها ونهبوا ما وجدوا في الدار من الذخائر والأموال وكان جملة مستكثرة ، وظفر برسباي بجماعة كانت عندهم ودائع للسلطان فأخذها منهم ، ودخل عليه جماعة من آل عمار فبايعوه ، وسألوه المسير معهم ليمكنوه من بلادهم ، فسار معهم في جمع كثير من شجعان أصحابه ، فلما توسّطوا بهم في بلادهم ثاروا عليهم من كل مكان ، فقتلوا الأمير برسباي وأصحابه عن آخرهم ولم ينج منهم إلّا المخبر بهم ، فلما بلغ الخبر إلى من بقي من المصريين في المقرانة ضاق بهم الحال ، واجتمعهم رأيهم على تولية رجل منهم يعرف بالإسكندر ، وكان شجاعا ظلوما غشوما فبايعوه وأمّروه عليهم ، فلما تم له الدست ظفر برجل من خواص السلطان يسمى عمر الجبرتي فتهدّدوه فدلهم على مال عظيم يقال أن مبلغه خمسة لكوك ذهب قديم ، فأخذه منه وقسمّه في العسكر ، ثم سار الإسكندر من المقرانة بعساكر إلى جهة صنعاء ، فلحقه عسكر السلطان بموضع يسمى عفرة (١) فكانت بينهما وقعه قتل فيها من الأتراك وجموعهم وأشراف جازان ومن معهم جمع عظيم ، وحصرهم عسكر السلطان من كل جانب ، وكاد
__________________
(١) الفضل المزيد : الغفرة. وعفرة : موضع قرب بيت البندري من آل عمار ما بين الرضمة وقرية الأجلب ، قرة العيون : ٤٦٩.