كتابي هذا وسر هذا الكتاب في هذا السطر ووضع إصبعه على سطر فيه ترجمة بنان الجمال وقوله سئل بنان الجمال عن أجل أحوال الصوفية فقال (١) : الثقه بالمضمون واتباع الأمر (٢) ومراعات السّر والتخلي من الكونين ، فانتبهت والكتاب في يدي ، وله من الوصايا والمرائى العجيبة شيء كثير جمعتها في كراريس ورأيت الاختصار في هذا أولى ، ومن شعره :
إذا نظرت بديع الصنع في الصّور |
|
وكنت في ذلك المنظور ذا بصر |
فلا يكن لك تدبير هناك وقل |
|
ما ثم شيء سوى التسليم للقدر |
فالله يفعل ما شا في بريته |
|
كما يشأ فاستعن بالله واصطبر |
وقل أنا العبد لا حول لدي ولا |
|
لي قوة في وجوه النفع والضرر |
وناج مولاك في سر وفي علن |
|
بلا التفات إلى روح ولا بشر |
فإن أتوك فقل أما إليك فلا |
|
فيا لها كم لها بالصدق من أثر |
فما سواه إليه فهو مفتقر |
|
وإن علا شأنه أو كان ذو خطر |
وإنما قام بالأمر العلي وما |
|
له به من وجود عن سواه بري |
فهذه هذه قف وانزلنّ بها |
|
وحط رحلك هذا منتهى السفر |
وها هنا في جهات الست بقي بقا |
|
هو كل هو نالى هو بالبقا أشر |
وقال رضياللهعنه :
أدار علينا كاس من لطفه الخفي |
|
وقام يصافينا بذاك ويصطفي |
وقال خذوها وأشربوها هنية |
|
فإن لكم فيها الذي تطلبون في |
فقلنا له لبيك سمعا وطاعة |
|
وبات بها يبدوا علينا ويختفى |
ويمزجها حينا وحينا يديرها |
|
براحته صرفا بحسن تصرف |
ويفرحنا طورا وطورا يريحنا |
|
بنغمة داؤد وطلعة يوسف |
فلما شربناها ودب دبيبها |
|
إلى موضع الأسرار قلت لها تفي |
__________________
(١) أنظر الرسالة القشيرية : ٢٤.
(٢) الرسالة «والقيام بالأمر».