أرباب الوظائف كلهم ، وطلب حساب الأقاليم بأسرها ، وولى صهره فخر الدين ماجد فرويتة نظر البيوت ، وأنفق جامكية شهر وحمل الرواتب إلى الدور السلطانية. والأسمطة من السكر والزيت والقلوبات وغير ذلك ، وأقام بكتمر المومني في وظيفة شدّ الدواوين ، وألزم نفسه في المجلس السلطاني بحضرة الأمراء ، أنه يباشر الوزارة بغير معلوم ، وقرّر ابنه في ديوانه المماليك ، والتزم أنّه لا يتناول معلوما بل يوفر المعلومين للسلطان ، وأبطل رمي الشعير والبرسيم من بلاد مصر ، وكان يحصل برميها ضرر كبير ، فإن ذلك كان يحصل من سائر البلاد فيغرم على كل أردب أكثر من ثمنه ، والتزم بتكفية بيت المال من الشعير والبرسيم بغير ذلك ، فبطل على يديه ، وكتب به مرسوم وكتب نقشا على حجر في جانب باب القلعة من قلعة الجبل ، وأمر بقياس أراضي الجيزة فجاء زيادتها عن الارتفاع الذي مضى ثلثمائة ألف درهم ، وعنها خمسة عشر ألف دينار ، فلم يزل إلى سابع عشري شوّال سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ، فأحيط به وقبض عليه حسدا له على ما صار إليه ، ولم يجتمع لغيره في الدولة التركية ، وتولى القيام عليه الأمير صرغتمش لأنه علم أنه من جهة الأمير شيخو ويقوم له بجميع ما يختاره ، وأعانه عليه الأمير طاز ، وما زال يدأب في ذلك إلى أن عاد السلطان الملك الصالح من دمشق في يوم الاثنين خامس عشري شوّال سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة إلى قلعة الجبل ، وعمل يوم الخميس سماطا مهما في القلعة ، ولما انفض السماط خلع على سائر أرباب الوظائف من الأمراء ، وعلى الوزير وسائر المباشرين ، فاتفق لما قدّره الله تعالى أنه حضر إلى الأمير صرغتمش وهو يومئذ رأس نوبة عشر تشريف ، غيّر تشريفه ودون رتبته ، فأخذه ودخل إلى الأمير شيخو وألقى البلقجة قدّامه وقال : أنظر فعل الوزير معي وكشف الخلعة ، فقال شيخو هذا غلط ، فقام وقد أخذه من الغضب شبه الجنون وقال : هذا شغل الوزير وأنا ما اصبر على أن أهان لهذا الحدّ ، ولا بدّ لي من القبض عليه ومهما شئت أنت افعل بي وخرج فإذا الوزير داخل لشيخو وعليه خلعة فصاح في مماليكه ، خذوه فكشفوا الخلعة عنه وسحبوه إلى بيت صرغتمش وسرّح مماليكه في القبض على جميع حاشية الوزير ، فقبض على سائر من يلوذ به لأنهم كانوا قد اجتمعوا بالقلعة ، وخالطت العامّة المماليك في القبض على الكتاب وأخذوا منهم في ذلك اليوم شيئا كثيرا ، حتى أن بعض الغلمان صار إليه في ذلك اليوم ستة عشر دواة من دوي الكتاب ، فلم يمكن منها أربابها إلّا بمال يأخذه على كل دواة ، ما بين عشرين إلى خمسين درهما ، وأمّا ما سلبوه من العمائم والثياب والمهاميز الفضة فشيء كثير ، وخرج الأمير قشتمر الحاجب وغيره في جماعة إلى دوره التي بالصوصة من مصر ، فأوقعوا الحوطة على حريمه وأولاده وختموا سائر بيوته وبيوت حواشيه ، وكانوا قد اجتمعوا وتزينوا لقدوم رجالهم من السفر ، وأنزل الوزير في مكان مظلم من بيت صرغتمش ، فلما أصبح طلب ولد الوزير وصار به صرغتمش إلى بيت أبيه وأحضر أمّه ليعاقبه وهي تنظره حتى يدلوه على المال ، ففتحوا له خزانة وجد فيها خمسة