البصرة ، وقيل أن اسمه عذرة ، وقيل اسمه أبو عيينة ، وكنيته أبو المنهال ، وكان بعد المائتين ، وأنشد أبو العلاء المعرّي في رسالة الصاهل والساحج :
يا صاح ألمم بأهل القصر والوادي |
|
وحبذا أهله من حاضر بادي |
ترى قراقرة والعيس واقفة |
|
والضب والنون والملاح والحادي |
وقال أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسيّ. وفي هذا الوقت من السنة يعني أيام النيل ، تكون أرض مصر أحسن شيء منظرا ، ولا سيما منتزهاتها المشهورة ودياراتها المطروقة ، كالجزيرة والجيزة وبركة الحبش وما جرى مجراها من المواضع التي يطرقها أهل الخلاعة والقصف ، ويتناوبها ذوو الآداب والظرف ، واتفق أن خرجنا في مثل هذا الزمان إلى بركة الحبش وافترشنا من زهرها أحسن بساط ، واستظللنا من دوحها بأوفي رواق ، فظللنا نتعاطى من زجاجات الأقدام شموسا في خلع بدور ، وجسوم نار في غلائل نور إلى أن جرى ذهب الأصيل على لجين الماء. ونشبت نار الشفق بفحمة الظلماء ، فقال بعضهم : وهو أمية المذكور من قوله المشهور :
لله يومي ببركة الحبش |
|
واوفق بين الضياء والغبش |
والنيل تحت الرياح مضطرب |
|
كصارم في يمين مرتعش |
ونحن في روضة مفوّفة |
|
دبّج بالنّور عطفها ووشي |
قد نسجتها يد الغمام لنا |
|
فنحن من نسجها على فرش |
فعاطني الراح إنّ تاركها |
|
من سورة الهمّ غير منتعش |
وأثقل الناس كلهم رجل |
|
دعاه داعي الهوى فلم يطش |
فأسقني بالكبار مترعة |
|
فهنّ أشفى لشدّة العطش |
وقال أيضا :
علل فؤادك باللذات والطرب |
|
وباكر الرّاح بالبانات والنخب |
أما ترى البركة الغناء لابسة |
|
وشيا من النور حاكته يد السحب |
وأصبحت من جديد الروض في ح |
|
لل قد أبرز القطر منها كل محتجب |
من سوسن شرق بالطلّ محجره |
|
وأقحوان شهيّ الظلم والشنب |
فانظر إلى الورد يحكي خدّ محتشم |
|
ونرجس ظلّ يبدي لحظ مرتقب |
والنيل من ذهب يطفو على ورق |
|
والرامح من ورق يطفو على ذهب |
وربّ يوم نقعنا فيه غلتنا |
|
بحاجم من فم الإبريق ملتهب |
شمس من الرّاح حيانا بها قمر |
|
موف على غصن يهتز في كثب |
أرخى ذؤابه وانهزّ منعطفا |
|
كصعدة الرمح في مسودة العذب |
فاطرب ودونكها فاشرب فقد بعثت |
|
على التصابي دواعي اللهو والطرب |