الدولة أبي الحسن عليّ بن حمدان ، صاحب جند حمس وجند قنسرين وديار بكر وديار مصر والثغور الشامية والخزرية ، وكانت عدّة من فودي به من المسلمين ألفين وأربعمائة واثنين وثمانين من ذكر وأنثى ، وفضل للروم على المسلمين قرضا مائتان وثلاثون لكثرة من كان في أيديهم ، فوفاهم سيف الدولة ذلك وحمله إليهم ، وكان الذي شرع في هذا الفداء الأمير أبو بكر محمد بن طفج الإخشيد أمير مصر والشام والثغور الشامية ، وكان أبو عمير عديّ بن أحمد بن عبد الباقي الأدنيّ شيخ الثغور ، قدم إليه وهو بدمشق في ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، ومعه رسول ملك الروم في إتمام هذا الفداء ، والإخشيد شديد العلة ، فتوفي يوم الجمعة لثمان خلون من ذي الحجة منها ، وسار أبو المسك كافور الإخشيديّ بالجيش راجعا إلى مصر ، وحمل معه أبا عمير ورسول ملك الروم إلى فلسطين ، فدفع إليهما ثلاثين ألف دينار من مال الفداء ، فسارا إلى مدينة صور وركبا البحر إلى طرسوس ، فلما وصلا كاتب نصر الشملي أمير الثغور سيف الدولة بن حمدان ، ودعا له على منابر الثغور ، فجدّ في إتمام هذا الفداء ، فنسب إليه. ووقعت أفدية أخرى ليس لها شهرة. فمنها : فداء في خلافة المهدي محمد ، على يد النقاش الأنطاكي ، وفداء في أيام الرشيد في شوّال سنة إحدى وثمانين ومائة ، على يد عياض بن سنان أمير الثغور الشامية ، وفداء في أيام الأمين ، على يد ثابت بن نصر ، في ذي القعدة سنة أربع وتسعين ومائة ، وفداء في أيام الأمين ، على يد ثابت بن نصر أيضا ، في ذي القعدة سنة إحدى ومائتين ، وفداء في أيام المتوكل سنة سبع وأربعين ومائتين ، على يد محمد بن علي ، وفداء في أيام المعتمد ، على يد شفيع ، في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وفداء كان في الإسكندرية في شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ، خرج فيه أبو بكر محمد بن عليّ الماردانيّ من مصر ، ومعه الشريف أبو القاسم الرئيس ، والقاضي أبو حفص عمر بن الحسين العباسي ، وحمزة بن محمد الكتاني في جمع كبير ، وكانت عدّة من فودي به من المسلمين ستين نفسا بين ذكر وأنثى.
فلما سار الروم إلى البلاد الشامية بعد سنة خمسين وثلاثمائة ، اشتدّ أمرهم بأخذهم البلاد ، وقويت العناية بالأسطول في مصر منذ قدم المعزل لدين الله ، وأنشأ المراكب الحربية ، واقتدى به بنوه وكان لهم اهتمام بأمور الجهاد واعتناء بالأسطول ، وواصلوا إنشاء المراكب بمدينة مصر واسكندرية ودمياط من الشواني الحربية والشلنديات والمسطحات ، وتسييرها إلى بلاد الساحل مثل صور وعكا وعسقلان ، وكانت جريدة قوّاد الأسطول في آخر أمرهم تزيد على خمسة آلاف مدوّنة ، منهم عشرة أعيان يقال لهم القوّاد ، واحدهم قائد ، وتصل جامكية كلّ واحد منهم إلى عشرين دينارا ، ثم إلى خمسة عشر دينارا ، ثم إلى عشرة دنانير ، ثم إلى ثمانية ، ثم إلى دنارين ، وهي أقلها. ولهم إقطاعات تعرف بأبواب الغزاة بما فيها من النطرون ، فيصل دينارهم بالمناسبة إلى نصف دينار ، وكان يعين من القوّاد العشرة