حفّارين يحفرون قبرا (١) ، فسألهم عن القبر ، لمن هو؟ قالوا : لرجل غريب ، فقلت فى نفسى : أقف حتى يأتوا (٢) بالجنازة وأصلّى عليها ، وأغتنم الأجر والثواب فى ذلك ، لما روى عن النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، أنه قال : «من صلّى على جنازة كتب له قيراط (٣) من الأجر ، فإن تبعها كتب له قيراطان ..» الحديث.
فاستندت إلى قبر من تلك القبور ، فنمت ، فرأيت أهل المقبرة جلوسا وهم يتشاجرون فيما بينهم ، ورأيت صاحب ذلك القبر الذي كنت مستندا إليه شيخا على وجهه نور (٤) وهو يكلمنى ويقول : يا أخى ، تتّكىء على القبر وقد قال رسول الله : «لو أنّ أحدكم جلس على جمرة فتحرق ثوبه حتى تصل إلى جلده لكان أهون عليه من أن يطأ قبر مسلم». فقلت : اجعلنى فى حلّ [قال : أنت فى حلّ](٥) .. فسألته عن مشاجرة أهل المقبرة ، فقال : إنهم يقتسمون ثواب إحدى عشرة (٦) مرة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) التى (٧) قرأتها .. فقلت : وكم أصاب كل واحد من ثوابها؟ فقال : خير كثير .. فقلت : ما الذي أصابك؟ فقال : أنا آثرتهم بحصتى ، لأنهم ليس لهم أحد يهدى إليهم (٨) ،
__________________
(١) «قبرا» عن «ص».
(٢) فى «م» و «ص» : «يأتون» خطأ ، والصواب ما أثبتناه ، فالفعل هنا منصوب بحذف النون ، لأنه من الأفعال الخمسة.
(٣) فى «م» : «قيراطان». والحديث رواه البخارى ، ومسلم ، والنسائى ، والدارمى ، وابن ماجه ، وابن حنبل ، وغيرهم ، فى الجنائز.
(٤) فى «م» و «ص» : «نورا» بالنصب ، وكلاهما له وجه ، فالرفع على أنه مبتدأ مؤخر ، والنصب على الوصفية ، والرفع هنا أوجه.
(٥) ما بين المعقوفتين عن «ص».
(٦) فى «م» : «إحدى عشر» خطأ .. فهنا تجب المطابقة للمعدود تذكيرا وتأنيثا ، تقول : «رأيت أحد عشر كوكبا» فى حالة التذكير ، و «إحدى عشرة فتاة» فى حالة التأنيث.
(٧) فى «م» و «ص» : «الذي» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٨) فى «ص» : «فقال : أنا قد آثرتهم بسهمى ، لأن هؤلاء ليس لهم أحد ، وأنا لى ولد صالح ...».