وجاءه رجل من إخوانه ، فقال له : يا سيدى ، اشتريت هذا الثوب (١) على اسمك وأسألك (٢) أن تقبله منى. فقال : عاهدت الله ألّا أقبل من أحد شيئا. فحلف بالطلاق الثلاث لابد من قبوله ، فقال : قد قبلت ، فاجعله على الحبل ـ وكان فى مسجده ـ فجعله عليه ، فأقام ثلاثين سنة والثوب معلّق عليه!
ولم يزل مقيما بالشرق (٣) إلى نوبة مصر المشهورة ، وحريقها ، فأدخل إلى القاهرة ، ونزل فى دويرة بها ، وتوفى فيها (٤).
قبر شحّاذ الفقراء (٥) :
وبجانبه على الطريق (٦) بقرب ـ تحت المسجد ـ قبر الشيخ الصالح
__________________
(١) فى «م» و «ص» : «البلين» فى الموضعين ، وأيضا فى الكواكب السيارة.
(٢) فى «م» : «وأنا أسألك».
(٣) فى الكواكب السيارة «بالشارع».
(٤) إلى هنا ينتهى ما كتب عن أبى العباس فى «م» و «ص» وزاد ابن الزيات فى الكواكب السيارة بعد ذلك ما يلى : «وقبره مشهور بهذه الخطة ، معروف إلى الآن ـ أى إلى عصر ابن الزيات ـ وكان يقول : عاهدت الله على العزلة والجوع. وقال عبد الله بن سعيد : غلطت فى حديث ، فقلت : على من أصحّحه ، فنمت ، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال لى : صحّح حديثى على ابن الحطيئة ، فإنى أحبه ، وإن الله يحبه بحبى إياه. وقال بعض الفقهاء المالكية : قلت لابن الحطيئة : قيل عن المزنّى : إنه رأى رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ما فعل الله بالشافعى؟ فقال : سألت الله ألّا يحاسبه. فقال ابن الحطيئة : أتدرى بما ذا قلت؟ قال : لا. قال : لأنه كان يقول : «اللهم صلّ على سيدنا محمد كلما ذكره الذّاكرون ، وصلّ على سيدنا محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون» ، وهذه صلاة ما صلّاها أحد قبل الشافعى ، فلما قدم الشافعى على الله تعالى ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ربّ ، أسألك ألّا تحاسب الشافعىّ ، فإنه صلّى علّى صلاة ما صلّاها أحد علىّ قبله .. وكان ابن الخطية ينسخ فلا يفرغ من كتابة الكتاب حتى يحفظه ويتكلم على معانيه. وكان إذا تكلم فى رجال الحديث كانوا كأنهم معه فى صحيفة. وله الحواشى على كتاب مسلم».
(٥) العنوان من عندنا. [وانظر الكواكب السيارة ص ٢٣٢].
(٦) فى «ص» : «طريق».