وقال الشعبى (١) : سنّة كانت فى الأنصار : إذا مات الميت لم يدفن حتى يقرأ عند رأسه سورة البقرة. وبعد هذا ، فكل ما يفعله الإنسان من أنواع البرّ والخير يصل إليهم ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ)(٢) .. وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ، رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ)(٣) .. فلو لم تكن الصلاة والدعاء (٤) يصلان إليهم ، وكذلك الاستغفار ، لم يخبر الله عنهم بذلك ، فكذلك الصدقة وقراءة القرآن والدعاء ، ينفعهم ويصل إليهم. وقد صلى النبي صلّى الله عليه وسلم على جماعة من الصحابة والنجاشى ، وهو غائب (٥) ـ صلّى الله عليه وسلم ـ وهو بالمدينة لمّا صلى عليه .. وكذلك لمّا صلّى على خبيب (٦) بن عدىّ ، أحد أصحابه ـ صلّى الله عليه وسلم ـ حين صلب بمكة ، والنبي صلّى الله عليه وسلم بالمدينة ، والأدلة أكثر من أن تحصى.
__________________
(١) هو عامر بن شراحيل بن عبد ، الشعبى ، الحميرى ، من التابعين ومن رجال الحديث الثقات.
ولد سنة ١٩ ه ، ويضرب المثل بحفظه ، اتصل بعبد الملك بن مروان فكان نديمه وسميره ورسوله إلى ملك الروم ، واستقضاه عمر بن عبد العزيز. وكان وفاته سنة ١٠٣ بالكوفة ، واختلف فى سنة وفاته من سنة ١٠٣ ـ ١٠٧ ه.
[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٣ ص ٢٥١ ، وتاريخ بغداد ج ١٢ ص ٢٢٧ ـ ٢٣٤ وحلية الأولياء ج ٣ ص ٣١٠ ـ ٣٣٨ ، ووفيات الأعيان ج ٣ ص ١٢ ـ ١٦ ، والمعارف لابن قتيبة ص ٤٤٩ ـ ٤٥١].
(٢) سورة الحشر ـ من الآية ١٠.
(٣) سورة غافر ـ الآية ٧.
(٤) فى «ص» : «الصلاة والدعاء والاستغفار» وستأتى لفظة «الاستغفار» بعد ذلك.
(٥) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «وهو غائب ، والبحر متعرض بينهم ، فلو لم يصل ثواب صلاته إلى الميت لما صلّوا عليه وهم بالمدينة».
(٦) فى «م» و «ص» : «حبيب» بالحاء المهملة ، خطأ ، والصواب بالخاء المعجمة. [انظر ترجمته فى أسد الغابة ج ٢ ص ١٢٠ ـ ١٢٢].