فلما أصبح ابن طولون أتى إلى المسجد لزيارتنا وطلبنا ، فأخبر بخروجنا ، فأمر بابتياع تلك المحلة بأسرها ، وأوقفها على ذلك المنزل وعلى من ينزل فيه من الغرباء من أهل العلم والفضل [نفقة لهم ، حتى لا تختلّ أمورهم ، ولا يصيبهم من الخجل ما أصابنا](١).
وذلك كله من صفو الدّين وقوّته وصحة الاعتقاد.
* * *
قبر الشيخ عفّان بن سليمان الخياط (٢) :
قبر الشيخ عفان بن سليمان الخياط ـ رحمه الله تعالى ـ بفسطاط مصر ، فى تربة بها ، وقبره يزار ، والدّعاء عنده مستجاب. وكان له معروف للفقراء والمحتاجين ، وله وقف إلى الآن يطعم منه الحلوى وغير ذلك. ولم تعترض أحباسه كما اعترض غيرها مع قدم العهد بها (٣).
وهو أبو الحسن عفّان بن سليمان. [قيل : إنّ سبب غناه](٤) أنه رأى فى المنام هاتفا يقول له : يا عفّان ، اذهب إلى بغداد ليحصل لك الغنى (٥).
فلم يكترث بهذه الرّؤيا. ثم رأى رؤيا ثانية تدل على ذلك (٦) ، فقال حينئذ : تعيّن الذّهاب. فرحل إلى بغداد وجلس على دكّان خياط يخيط عنده (٧) ، فبقى عنده ستة أشهر ، ولم ير أثر ذلك المنام الذي رآه فى مصر (٨).
__________________
(١) ما بين المعقوفتين عن «ص» ولم يرد فى «م».
(٢) [انظر ترجمته فى تحفة الأحباب ص ١٢٢ وما بعدها].
(٣) فى «م» : «فيها».
(٤) ما بين المعقوفتين عن «ص» وساقط من «م».
(٥) فى «ص» : «تمضى إلى بغداد تستغنى».
(٦) فى «ص» : «فرآه مرة وأخرى ، حتى رآه مرارا».
(٧) فى «م» : «ثم إنه سافر إلى بغداد وجلس عند خياط بأسوة الصنّاع».
(٨) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «فلم ير لرؤياه أثرا ، فتغيّر قلبه».