وأقرأ جزءا من القرآن ، وأهب ثواب ذلك الجزء له ، فجئت يوما وجلست عند قبره ، وتفكرت فى حاله ودرجته عند الله تعالى ساعة ، ثم قمت وما قرأت شيئا ، فلمّا جنّ علىّ الليل رأيت فى المنام إبراهيم (١) فقال : يا أبا علىّ ، كنت تقرأ شيئا وتجعل ثوابه لنا ، فلم تركت اليوم؟ فقلت : يا شيخ ، ومثلك يحتاج إلى ثواب قراءتنا؟ فقال : يا أبا علىّ ، ومن يشبع من رحمة الله تعالى؟!.
قال الحافظ عبد الغنى (٢) رحمه الله ، سمعت أخى أبا إسماعيل بن إبراهيم ابن عبد الواحد بن على المقدّسي يقول : رأيت خالى الشيخ الصالح أبا العباس أحمد بن محمد بن قدامة المقدسى فى النوم ، وكان عدّة من أصحابنا (٣) كل ليلة جمعة يختمون القرآن ، ويجعلون ثوابه لأمواتنا وأموات المسلمين ، فقلت له : ما نقرؤه يصل إليكم؟ فقال : نعم ، ولكنكم تستعجلون فيه ، كأنه أشار إلى استحباب الترتيل والتّثبّت فى القراءة.
وروى أيضا بإسناده إلى عائشة ، رضى الله عنها ، عن أبى بكر الصّدّيق ، رضى الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «من زار قبر والديه كل جمعة ، أو أحدهما ، فقرأ عندهما ، أو عند أحدهما ، سورة «يس» ، غفر الله له بعدد كل آية أو حرف».
__________________
الخلق ، إلا مثله. صحب أبا عبد الله المغربيّ ، وإبراهيم الخوّاص .. وكان شديدا على المدّعين ، متمسكا بالكتاب والسّنّة ، وكانت وفاته سنة ٣٣٦ ه.
[انظر ترجمته فى حلية الأولياء ج ١٠ ص ٣٦١ ، ٣٦٢ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٣٤٤ ، ٣٤٥ ، والطبقات الكبرى للشعرانى ج ١ ص ١١٣ ، ١١٤ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ١٧٤ ، وطبقات الصوفية ص ٤٠٢ ـ ٤٠٥].
(١) فى «ص» : «إبراهيم بن شيبان».
(٢) هو الإمام عبد الغنى بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدّسي الحنبلى ، الحافظ ، أوحد زمانه فى علم الحديث والحفظ ، صاحب «العمدة» و «الكمال» وغير ذلك من التصانيف ، نزل مصر فى آخر عمره ، ومات بها سنة ٦٠٠ ه ، وله تسع وخمسون سنة.
[انظر حسن المحاضرة ج ١ ص ٣٥٤ ، وشذرات الذهب ج ٤ ص ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، وتذكرة الحفاظ ج ٤ ص ١٣٧٢ ـ ١٣٨١].
(٣) عدّة ، أى : عدد .. وفى «ص» : «وكان عادة أصحابنا كل جمعة ..».