وكان جملة ما عليه من الثياب لا يزيد ثمنه على تسعة عشر درهما. وقيل : جاءه رجل فقبّل ركبته وقال له : حبس أخى على قطن رضى عليه ، ولم يكن معى ثمنه ، ودلّونى عليك ، وأريد أن تكتب رقعة إلى الموفق القاضى. فقال : قاضى السماوات أقرب إلينا من قاضى الأرض ، جعل الله لأخيك من كل همّ فرجا ومخرجا. فقنع الرجل منه بهذا ، ومضى ، فلما كان فى وقت المغرب جاء الرجل إلى المسجد وهو يضحك ، فقال له : ما وراءك؟ فقال : تخلّص أخى ، وهو فى البيت. فقال : كيف كان خلاصه؟ قال : لمّا خرجت من بين يديك سيّر الموفق خلفى ، وقال : ظهر لى أنّ أخاك (١) ما بيده شىء ، خذ معك رسولا إلى الحبس وأخرج المحبوس ، ولا تدفع للرسول شيئا. فقلت : بدعاء الفقيه جعل الله لأخى فرجا ومخرجا.
وسيّر (٢) رجل إليه شابّا من الأجناد كان يفعل فى جواره مالا يحب ، فقال له : من هتك عورات المسلمين هتكه الله وعجّل أخذه. فلما كان مثل ذلك اليوم خرجت جنازة الشاب.
وجاءه رجل مغربى بزّاز فقال : لى فى جوارى شريف تكلمت أنا وإيّاه بشىء ، فقال لى : أنت تسبّ علّى بن أبى طالب ، واستعان علّى بأشراف معه ، وما لى بهم طاقة. فقال له : «الله يقلّب القلوب والأبصار» ، فلما كان الصباح من اليوم الثانى جاءه الشريف وصالحه وقال : «عوتبت من أجلك!» (٣).
قبر الزعفرانى :
يقابله (٤) على شاطىء الخندق قبر «محمد» ، كان من عقلاء
__________________
(١) فى «م» : «أن أخيك» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٢) فى «م» : «قبر» مكان «سيّر» تحريف.
(٣) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».
(٤) فى «ص» : «قبالته» والعنوان السابق من عندنا.