الوظيفة الثامنة عشرة : الإعراض عن الضحك فى المقابر ، فإنّ البكاء بهذا الموضع أليق ، ووضع الشيء فى غير موضعه نهاية فى النقصان ، وكذلك فى الجنائز ، كما روى عن بعض الصالحين أنه رأى رجلا يضحك فى جنازة ، فحلف ألّا يكلمه ثلاثة أيام.
الوظيفة التاسعة عشرة : لا يصلّى فى المقبرة ، لما روى عن ابن عمر ، رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم : «سبعة مواطن لا تجوز فيها الصلاة : فى المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمّام ، ومعاطن الإبل ، وفوق الكعبة» (١). وروى عن أبى سعيد الخدرىّ ، رضى الله عنه ، أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «الأرض كلّها مسجد ، إلّا المقبرة والحمّام» (٢). فإن فعل فى المقبرة فله ثلاثة أحوال (٣) :
الحالة الأولى : أن تكون قد تكرر نبشها ، فلا تصح صلاته ، لاختلاط صديد الموتى بالأرض.
الحالة الثانية : أن تكون جديدة ، فقد فعل مكروها ، لأنها مدفن للنّجاسة (٤) ، وصلاته صحيحة ، لأن الذي باشر الصّلاة طاهر.
الحالة الثالثة : أن يشكّ : هل نبشت أم لا؟ فالأصل فيها طهارة الأرض ، ولكن عارضه الشك فى نجاستها .. وللشافعى فى هذه المسألة ونظرائها ممّا يعارض الأصل فيها الظاهر قولان :
__________________
(١) هذا الحديث ورد فى «ص» ناقصا ، وساقط من «م» ، وقد أكملناه وصوّبنا ما به ، وقد رواه الترمذى فى أبواب الصلاة ، ورواه ابن ماجه فى كتاب المساجد ، باب المواضع التى تكره فيها الصلاة ج ١ ص ٢٤٦ [الحديث رقم ٧٤٦] ومعنى معاطن الإبل ، أى : مباركها حول الماء ، والحديث مروىّ عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم.
(٢) أخرجه ابن ماجه فى الكتاب السابق ـ الصفحة نفسها [الحديث رقم ٧٤٥].
(٣) الحال : صفة الشيء ، يذكّر ويؤنّث.
(٤) فى «م» : «مدفن النجاسة».