فصل
فيمن ظهر عذاب الله له فى القبر
عن عبد الله بن محمود (١) قال : كنت عند ابن عباس ، رضى الله عنهما ، فأتاه رجل فقال : أقبلنا حجّاجا ، حتى إذا كنا بالصّفاح (٢) توفّى صاحب لنا ، فحفرنا له قبرا ، فإذا فيه أسود (٣) قد أخذ اللّحد كلّه ، ثم حفرنا قبرا آخر ، فإذا فيه أسود قد أخذ اللحد كله ، فتركناه وآتيناك نسألك فيما تأمرنا به (٤) .. قال : ذلك عمله الذي كان يعمل به ، فادفنوه فى بعضها ، فو الله لو حفرتم الأرض كلها لوجدتم ذلك .. قال : فألقيناه فى قبر منهما (٥) ، فلما قضينا سفرنا أتينا امرأته ، فسألناها عنه ، فقالت : كان يبيع الطعام فيأخذ قوت أهله كل يوم ، ثم ينظر مثله من الشعير والقصب فيقطّعه فيجعله فى طعامه.
وقال عمرو بن دينار (٦) : كان لرجل من أهل المدينة أخت فماتت ،
__________________
(١) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «عبد الحميد بن محمود». وكلاهما لم يرد لهما ذكر فى تراجم المحدّثين ، ولعله يريد «عبد الله بن حنين» مولى العباس بن عبد المطلب ، وهو مدنىّ ثقة ، وقد روى عن ابن عباس ، وأبى أيوب الأنصارى والمسور بن مخرمة وغيرهم.
[انظر رجال صحيح البخارى ج ١ ص ٤٠١ ، ورجال صحيح مسلم ج ١ ص ٣٥٨].
(٢) الصّفاح : موضع بين حنين وأنصاب الحرم ، على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش. [انظر معجم البلدان ج ٣ ص ٤١٢ مادة صفاح].
(٣) الأسود : العظيم من الحيّات.
(٤) فى «ص» : «فما تأمرنا؟».
(٥) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «منها» وهى تدل على أنهم حفروا له أكثر من قبرين.
(٦) هو : عمرو بن دينار ، الجمحى بالولاء ، أبو محمد الأثرم ، فقيه ، كان مفتى أهل مكة ، وهو فارسى الأصل ولد بصنعاء سنة ٤٦ ه ، وتوفى بمكة سنة ١٢٦ ه. قال شعبة : ما رأيت أثبت فى الحديث منه. وقال النسائى عنه : ثقة ثبت ، وله خمسمائة حديث.
[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٥ ص ٧٧ ، وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ١١٣ و ١١٤ ، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص ٥٠ ، وفيه تاريخ وفاته سنة ١٢٥ ه ، وميزان الاعتدال ج ٣ ص ٢٦٠].