فدفنها ورجع ، فذكر أنّ كيسا سقط منه فى القبر (١) ، فاستعان برجل من أصحابه ونبشا القبر ، فوجد الكيس ، فقال للرجل : تنحّ (٢) حتى أنظر على أى حال أختى .. فرفع بعض ما كان على اللّحد ، فإذا القبر يشتعل نارا ، فردّه وسوّى القبر ورجع إلى أمّه ، فقال : أخبرينى ما كانت تصنع أختى (٣) ـ أو قال : ما كان حال أختى؟! قالت : كانت أختك تؤخر الصلاة ولا تصلى ، وتأتى أبواب الجيران إذا ناموا فتجعل أذنها فى أبوابهم لتسمع حديثهم.
وقال عبد المؤمن بن عبد الله القرشى : قيل لنبّاش ، وقد تاب (٤) : ما أعجب ما رأيت؟! قال : نبشت قبر رجل (٥) فإذا هو مسمّر بالمسامير فى سائر جسده ، ومسمار فى رأسه ، وآخر فى رجليه .. وقيل : ما أعجب ما رأيت؟ قال : رأيت جمجمة إنسان مصبوب فيها الرصاص.
وقيل لآخر (٦) : ما كان سبب توبتك؟ فقال : عامّة من كنت أنبشه كنت أراه محوّل الوجه عن القبلة.
وقال أبو المصرخّى : خرجت غازيا ، فمررت ببعض حصون الشام ليلا ، فوجدت باب الحصن مغلقا ومقبرة على الباب ، فجئت بجنب المقبرة بالقرب من
__________________
(١) فى «ص» : «فذكر أنه نسى كيسا كان معه فى القبر».
(٢) فى «ص» : «تنحّ عنى» أى : ابتعد ومل إلى ناحية.
(٣) فى «ص» : «ما كان حال أختى» وستأتى.
(٤) فى «م» : «ثاب». وكلاهما بمعنى واحد ، يقال : ثاب إلى الله ، أى : تاب ورجع إليه. والنّبّاش : هو الذي يفتش القبور عن الموتى ليسرق أكفانهم وحليّهم.
(٥) فى «ص» : «نبشت رجلا».
(٦) من هنا إلى قوله : «.. ومن ظلمة القبور علينا» عن «ص» وساقط من «م».