قال الحافظ رحمه الله : حدثنى بعض أصحابنا من أهل الفقه والعلم ، قال : ماتت أمّى ، وكانت صوّامة قوّامة ، وكنت أقرأ كل ليلة ألف مرة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وأقول : اللهم إنّى أسألك قبول ما قرأته ، وأن تجعل ثوابه هدية منى لأمّى ، أو والدتى (١). فأقمت على ذلك خمس سنين ، وكنت أشتهى أن أراها ، فقرأت ليلة خمسمائة مرّة (٢)(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وأهديت ثوابها لها ، فرأيتها فى منامى وعليها ثياب جدد ، وهى فى أحسن صورة ، فقلت لها : سلام عليك يا أمّاه ، ما ذا لقيت (٣) من الله؟ قالت : كل خير ، جزاك الله عنى خيرا يا ولدى ، والله يا ولدى (٤) لقد وصلت إلىّ هديتك ، بالله يا بنىّ ، [لا تسمع من هؤلاء الذين يقولون لا تصل الهدية إلى الأموات ، والله لقد وصلت وخفّف عنّى بها شيئا كثيرا ، فبالله يا بنىّ](٥) إن لم يكن الكثير فليكن القليل ، ولا تقطع عنى هديتك.
وكان لها ولد عندنا يقال له عبد الرحمن ، فقالت : والله لا أتركه عندكم ، فأخذته وحملته ومضت .. قال : فاستيقظت على أثر (٦) ذهابها ، فما أقام الصبى إلّا ثلاثة أيام ثم مات ، رحمه الله.
قال رسول الله (٧) ، صلّى الله عليه وسلم : «إذا مات ابن آدم (٨) انقطع عمله إلّا من
__________________
(١) فى «ص» : «واجعل ثوابه هدية منى إلى والدتى».
(٢) «مرّة» عن «م».
(٣) فى «ص» : «ما لقيت».
(٤) «يا ولدى» عن «م».
(٥) ما بين المعقوفتين عن «ص» وساقط من «م».
(٦) هكذا فى «م» ، ويقال : جاء فى إثره وفى أثره ، أى : فى عقبه .. وفى «ص» : «فاحتملته ومضت ، واستيقظت ، فما أقام الصبى إلّا ثلاثة أيام ثم مات».
(٧) هنا فى «ص» : «وأمّا قوله» ، ولم يأت بعدها بجواب «أمّا» ، وهو سهو من الناسخ.
(٨) فى «ص» : «إذا مات العبد» وكلاهما مروى.