فاجتمعنا فى جدة ، فقال لنا : أين قماشكم؟ فقلنا : ها هو. فقال : أنا رفيقكم.
قال : ووصلنا سالمين ونحن بخير إلى «عيذاب» (١) وإلى «قوص» فاجتمعنا فى بيت ، قال : فقلنا له : سبحان الله ، دعوناك فى مكة فى ليلة فأبيت ، وها أنت رفيقنا الآن! فقال : والله لمّا طلبت فى مكة مرّ (٢) علىّ يومان ما أكلت فيهما طعاما ، ولقد فارقنى بهذا أخى الداعى لى ، وكنت أطوف بالبيت ، فما أقدر على إكمال الشوط (٣) من الجوع ، وجئت إلى بيتى ، فما أخذنى نوم ، فلما أصبحت نمت مكانى (٤) قال : فقلنا له : كيف كان مقامك؟ قال : كنت أنقل التراب من الحرم إلى خارجه ، وأحتطب الحطب ، وأدخل الليل بعمرة ، وأصبح آخذ الحطب أبيعه وأتقوّت منه (٥).
قبر الفقيه أبى البركات (٦) :
وعند رجلى الشيخ أبى الحسن قبر الفقيه أبى البركات ، [ويقال : إنه يكنى أبا السرايا ، رضى الله عنه](٧).
كان يقول : «قلوب تعرف ، وألسنة تصف ، وأعمال تخالف». وكان الناس يأتون إليه بالصّدقات فيفرقها ، وكان يجعلها تحت مصلّاه ، فكل من أراد
__________________
(١) فى «م» : «غيلب» تحريف من الناسخ. وعيذاب : بليدة على ضفة بحر القلزم ، وهى مرسى المراكب التى تقدم من عدن إلى الصعيد ، وكانت ميناء الحج المصرى إلى جدة.
(٢) فى «م» : «مرّت».
(٣) فى «م» : «الشرط» تحريف.
(٤) فى «م» : «هنت كتابى» تحريف من الناسخ.
(٥) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص» المشار إليه فى ص ٣٤٥ ـ الهامش (رقم ١).
(٦) العنوان من عندنا.
(٧) ما بين المعقوفتين عن «م».