وقال جابر : «لمّا قتل أبى عبد الله بن عمرو بن حرام (١) يوم أحد ، لقينى رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم فقال : يا جابر ، أراك منكسرا (٢)!! فقلت : يا رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، استشهد أبى وترك عيالا (٣) ودينا .. قال : ألا أبشّرك بما لقى (٤) الله به أباك؟ قلت : بلى يا رسول الله .. قال : ما كلّم الله أحدا إلّا من وراء حجاب ، وكلّم أباك كفاحا (٥) فقال : يا عبدى ، تمنّ (٦) علىّ أعطك ..
قال : تحيينى فأقتل فى سبيلك (٧) ثانية .. فقال الرّبّ تعالى : إنه قد سبق منى أنّهم إليها لا يرجعون. قال : يا ربّ ، فأبلغ من ورائى (٨) فأنزل الله تعالى :
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ، بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(٩). رواه ابن ماجه فى السنن كذلك.
__________________
[انظر نص الحديث فى صحيح الترمذى ، فى أبواب التفسير ـ تفسير سورة آل عمران ، تفسير قوله تعالى : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). ج ١١ ص ١٣٩ و ١٤٠ بشرح ابن العربى].
(١) هو عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة ، أبو جابر الأنصارىّ الخزرجىّ السّلمىّ ، من أجلّاء الصحابة ، كان أحد النقباء الاثنى عشر ، وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار ، وشهد بدرا ، واستشهد يوم أحد سنة ٣ ه ، ودفن هو وعمرو بن الجموح ـ رضى الله عنهما ـ فى قبر واحد .. قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «ادفنوهما فى قبر واحد ، فإنهما كانا متصافيين متصادقين فى الدنيا».
[انظر الأعلام ج ٤ ص ١١١ ، وأسد الغابة ج ٣ ص ٣٤٦ و ٣٤٧ ، والمحبّر لابن حبيب ص ٢٧٠ و ٢٨٠].
(٢) فى «م» : «منكسر» خطأ ، والصواب بالنصب.
(٣) فى «م» : «عائلا» تصحيف.
(٤) فى «م» : «أبشرك الله ما لقى» تصحيف من الناسخ. وفى «ص» : «ما لقى».
(٥) كفاحا ، أى : مواجهة ، ليس بينهما حجاب ولا رسول.
(٦) فى «م» : «تمنى» خطأ ، والصواب حذف الياء.
(٧) فى «ص» : «فأقتل فيك».
(٨) فى «م» : «فأبلغ من وراء حجاب». وما أثبتناه هنا عن «ص» وابن ماجه.
(٩) سورة آل عمران ـ الآية ١٦٩ ، والحديث رواه ابن ماجه فى سننه ، فى كتاب الجهاد ، باب فضل الشهادة فى سبيل الله ، ج ٢ ص ٩٣٦ ـ الحديث رقم ٢٨٠٠.