قبر حمدونة العابدة (١) :
وإلى جانبه قبر المرأة الصالحة العابدة «حمدونة» ابنة الحسين ، أخت ميمونة العابدة فى العبادة. قال الهروىّ : هى معدودة عند طائفة من الأولياء بأربعين من زهّاد الرجال.
حكى عنها ابن الطوير فى أخبار الدولة الطولونية : أنّ رجلا خرج هاربا من دين لزمه لعمّال أحمد بن طولون ، وقد طولب بالمال ، فأتى إلى قبر هذه السيدة رضى الله عنها ، فقرأ عندها شيئا من القرآن ، وبكى وتوسّل إلى الله تعالى ، فأخذته سنة من النوم ، فنام ، فأيقظه وقع حافر دابّة أو جواد يضرب الأرض برجله ، فأفاق من نومه ، فرأى فارسا واقفا على رأسه ، فسلّم عليه ، ثم قال له : من أنت؟ وما الذي أجلسك هنا؟ فقال : هارب من رجل ظالم من عمّال الظّالم أحمد بن طولون ، وقصّ عليه قصته. فقال له : قم وامض معى إلى هذا الرجل أشفع لك عنده. ثم أردفه خلفه ، وسار حتى لحق بالعسكر ، وكان فارقهم فى محلّ ، فلمّا وصل ترجّلوا عن خيولهم إجلالا له ، ونزل ذلك الرجل من خلفه ، وأمره بالركوب خلف غلام ، وأوصى الغلام بحفظه. فقال الرجل للغلام : من هذا؟ فقال له : أحمد بن طولون! فخاف الرجل خوفا عظيما من قوله ، وظنّ أنّه مقتول لا محالة.
ثم وصل أحمد إلى قصره ، فلما وصل طلب الرّجل وقد تغيّر لونه ، فلمّا رآه قال له : طمئن قلبك ، لا تخف ، فو الله ما جاء بى عندك إلّا بركة هذه المرأة الصالحة التى كنت عند قبرها ، فإنى كنت نائما فرأيتها فى منامى وهى تقول : أدرك هذا المظلوم الجالس عند قبرى!
__________________
(١) جاء فى الكواكب السيارة ص ٦٧ و ٦٨ : كانت وفاتها سنة ٢٣٦ ه ، وقبرها الآن دائر ، لكنه معروف بإجابة الدعاء.