ويجاوره قبور السادة المعافرية ، ويقال لهم : اللّوّاحين ، قيل : إنهم كانوا يصنعون الألواح ويفرّقونها على الأيتام والأطفال فى المكاتب لتعلّم القرآن.
وإلى جانبهم قبر «أعلاهم» الشامى ، قيل : اسمه عبد الله ، وقيل : عبد الرحمن ، وقيل : عبد الحافظ ، ولقّب بذلك لأنه صحب أربعمائة ولىّ ثم قال : اللهمّ إنى أعلاهم ، فرأى فى منامه تلك الليلة قائلا يقول له : أنت أعلاهم ، فمن ثمّ كان يدعى بذلك. وقبره معروف بإجابة الدعاء.
قبر أبى يعقوب البويطى الشافعى (١) :
وبالقرب من قبره قبر يقال : هو لأبى يعقوب يوسف بن يحيى البويطى الشافعى ، وأبو يعقوب هذا منسوب إلى قرية من صعيد مصر التحتانى ، كان من أصحاب الشافعى ، وأوصى له الشافعى عند موته بأن يخلفه فى حلقة العلم ، وكان أنفع أصحابه للطلبة بعده ، وانتهت إليه الرياسة بمصر بعد الشافعى ، رضى الله عنه. وقال له الشافعى : أنت تموت فى المحنة (٢) ، وكان كذلك ، فإنه حمل إلى بغداد وسئل عن خلق القرآن ، فلم يجب بشىء ، وكان فى كل يوم يخرج من السجن مع الأعيان يرفل فى قيده فيسأل ، فيقول : هو كلام ربّى ليس بمخلوق ، فيضرب ويعاد إلى السجن.
قال أبو بكر بن ثابت : بعث ابن أبى دؤاد (٣) إلى البويطى بعض أصحابه
__________________
(١) العنوان من عندنا.
(٢) فى «م» : «المحبة» تحريف. والمحنة هى «محنة خلق القرآن».
(٣) فى «م» : «داود» مكان «دؤاد» فى كل المواضع ، وهو تحريف وقد تسهل الهمزة. وهو أحمد بن أبى دؤاد بن جرير بن مالك الإيادى ، أحد القضاة المشهورين من المعتزلة ، ورأس فتنة القول بخلق القرآن ، وكان شديد الدهاء ، محبّا للخير ، اتصل بالمأمون ثم المعتصم ثم الواثق ، وكانت له منزلة عندهم ، وتوفى مفلوجا فى أول خلافة المتوكل ببغداد سنة ٢٤٠ ه. [انظر الأعلام ج ١ ص ١٢٤ ، وتاريخ بغداد ج ٤ ص ١٤١ ـ ١٥٦ ، ووفيات الأعيان ج ١ ص ٨١ ـ ٩١ ، وطبقات المعتزلة ص ٦٢ و ١٢٣ ـ ١٢٦ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٩٣].