فصل
فى إكرام الله تعالى بعض أوليائه بدوام طاعته فى قبورهم ، وغفرانه
لآخرين بأمور لحقتهم (١) بعد وفاتهم
قال ابن عباس : ضرب بعض أصحاب النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، خباء على قبر ، وهو لا يدرى به ، فإذا هو بإنسان يقرأ سورة (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) حتى ختمها .. فأتى النّبيّ ، صلّى الله عليه وسلم ، فأخبره ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «هى المانعة المنجية ، تنجيه من عذاب القبر» رواه الترمذى فى جامعه.
وقال سنان بن حسين ، عن أبيه : كنت فيمن أدخل ثابتا البنانيّ (٢) فى قبره ، فوقعت لبنة (٣) ، فأصلحتها ، فإذا هو قائم يصلى (٤) ، فأطبقت اللّبنة
__________________
(١) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «بالأمور التى لحقتهم».
(٢) هو الإمام العابد ، والحجّة القدوة ، ثابت بن أسلم البنانيّ البصرى ، أبو محمد ، ويقال : بنانة الذين منهم ثابت هم بنو سعد بن لؤىّ بن غالب .. كان ـ رحمه الله تعالى ـ ثقة ، كبير القدر ، قيل عنه : من أراد أن ينظر إلى أعبد أهل زمانه فلينظر إلى ثابت البنانيّ ، وما أدركنا أعبد منه .. وقال شعبة : كان ثابت يقرأ القرآن فى كل يوم وليلة ، ويصوم الدّهر. وقال حمّاد بن زيد : رأيت ثابتا يبكى حتى تختلف أضلاعه .. وقال جعفر بن سليمان : بكى ثابت حتى كادت عينه تذهب.
وكان ـ رحمه الله ـ راوية للحديث ، روى عن أنس بن مالك ، وعبد الرحمن بن أبى ليلى ، وأبى عثمان النهدىّ ، وغيرهم .. وقد وثّقه العجلّى ، والنّسائىّ ، وأبو حاتم ، وابن عدىّ ، وابن سد ، وغيرهم. وتوفى ثابت سنة ١٢٣ ه ـ وقيل : سنة ١٢٧ ه ـ وكان قد جاوز الثمانين.
[انظر تذكرة الحفاظ ج ١ ص ١٢٥ ، ورجال صحيح البخارى ج ١ ص ١٣٠ ، ورجال صحيح مسلم ج ١ ص ١٠٩ و ١١٠ ، وميزان الاعتدال ج ١ ص ٣٦٢ و ٣٦٣ ، وحلية الأولياء ج ٢ ص ٣١٨ ـ ٣٣٣ ، وكرامات الأولياء للنبهانى ج ١ ص ٦٢٢ و ٦٢٣].
(٣) اللّبنة : واحدة اللّبن ، وهو المضروب من الطين يبنى به.
(٤) فى «ص» : «فإذا ثابت فى القبر وهو قائم يصلى».