ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له». رواه مسلم والنسائى ، ورواه أبو داود والترمذى .. وليست قراءة القارئ من بعده والهدية له من عمله ، لأن الخبر يدل على انقطاع عمله ، لا عمل غيره ، ولا يمتنع أن يصل إليه من عمل غيره إذا عمله وجعل ثوابه إليه (١). وأمّا قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) فقال (٢) ابن عباس : نسخها قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ..)(٣). فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء.
وقال عكرمة : كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى ، ألا ترى إلى قوله فى أول الآية : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى * وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى* أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٤). فأمّا هذه الآية فلهم ما سعوا وسعى غيرهم ، لخبر سعد بن عبادة ، رضى الله عنه ، أنه سأل النبي ، صلّى الله عليه وسلم : هل لأمّى أجر إن تطوّعت عنها؟ قال : نعم. وفى حديث أنّه حفر بئرا وقال : يا ربّ ، هذه لأمّ سعد (٥). وخبر المرأة التى سألت : إنّ أبى مات ولم يحج .. فقال : حجّى عنه.
وقال الربيع بن أنس ، رضى الله عنه : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) يعنى : الكافر .. فأما المؤمن فله ما سعى غيره .. قال مضارب بن إبراهيم : دعا عبد الله بن طاهر والى خراسان ، الحسن بن الفضل ، فقال : أشكلت علىّ
__________________
(١) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «.. ولا يمنع أن يتصل إليه من غيره عمل إذا عمله وجعل ثوابه إليه».
(٢) فى «م» و «ص» : «قال» .. والفاء هنا واقعة فى جواب «أمّا» والآية التى قبل الفعل هى الآية رقم ٣٩ من سورة النجم.
(٣) سورة الطور ـ من الآية ٢١ .. وقد وردت الآية فى «ص» محرفة من الناسخ .. والآية بتمامها : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ، كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ). ومعنى «ما ألتناهم» ، أى : ما نقصناهم.
(٤) سورة النجم ـ الآيات من ٣٦ ـ ٣٩.
(٥) فى «م» : «لأبى سعد».