قبر الشيخ الإمام العالم المفتى ، ابن القاسم ، وقيل : كنيته أبو عبد الله عبد الرحمن ابن القاسم بن خالد العتقيّ المالكى ، صاحب المدوّنة. ويكنى أيضا أبا عبد الله مولاهم المصرى ، والعتقى ، والطّلقى. والعتقى قوم عتقهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح ، والطّلقاء قوم أطلقهم الله ، فسمّوا هؤلاء العتقاء ، وهؤلاء الطّلقاء.
كان ابن القاسم [رجلا صالحا ، نحيف الجسم من كثرة الصيام والقيام](١) وكان من كبار العلماء والزّهّاد ، وأخذ العلم عن جماعة ، منهم الإمام مالك ، وسفيان بن عيينة ، والزهرى. وروى عنه الحارث بن مسكين وجماعة ، منهم الإمام البخارى ، والنّسائى ، وغيرهما ، كأبى موسى عيسى بن إبراهيم الغافقى.
ومن مرويّات الحارث بن مسكين عنه حديث عمر بن الخطّاب ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، أنه قال : «إنّما الأعمال بالنّيّات ، وإنّما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوّجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
وروى عنه أبو الحسن بن سعيد ، عن النّبى صلّى الله عليه وسلم : «أنه أتى إليه بلبن قد شيب بماء ، وعن يمينه أعرابىّ ، وعن يساره أبى بكر رضى الله عنه ، فشرب النّبى صلّى الله عليه وسلم ، ثم أعطى الأعرابىّ وقال : الأيمن».
وقال أبو الفتح محمود : سمعت الشيخ عبد الرحمن بن القاسم يقول : سمعت مالك بن أنس يقول : «ليس العلم بكثرة الرّواية ، إنّما هو نور يضعه الله تعالى فى القلوب». وإلى تلك الإشارة يقول الشافعى رضى الله عنه : «ليس العلم ما حفظ ، إنما العلم ما نفع».
__________________
(١) ما بين المعقوفتين عن «ص».