قبر أبى القاسم الفريد ـ المعروف بصاحب الخيار (١) :
ثم تمضى إلى قبر السيد الشريف أبى القاسم الفريد المعروف بصاحب الخيار. حكى عنه أنّ إنسانا ورث (٢) من أبيه مالا فأذهبه (٣) ، ثم تداين دينا وذهب منه ، فطولب به ، فقال : لم يكن عندى ما أدفعه ، فلزمه (٤) صاحب الدّين إلى القاضى وطالبه بالمال ، فأقرّ به ، فأمره بدفعه ، فاعترف بالعجز ، فأمر باعتقاله. ثم أنظره صاحب الدّين مع القاصد الشّرعّى ثلاثة أيام ، فإن جاء بالمال .. وإلّا اعتقل. فلما كان فى اليوم الثالث قال فى نفسه : من أين لى ما أعطى هذا الرجل؟
ثم ذهب إلى القرافة ، ورأى كثرة المقابر ، حتى انتهى إلى هذا القبر ، وكان عليه حاجز بالطوب اللّبن ، فجلس عنده وابتهل إلى الله تعالى ، فأخذه النوم ، فرأى فى منامه كأنّ هذا الشريف صاحب القبر [ناوله](٥) خيارا ، وكان فى أيام عدمه ، فاستيقظ فوجد فى حجره الخيار ، فتعجّب من ذلك ، فبينما هو متعجب من ذلك إذا بالأمير أحمد بن طولون [واقف] على رأسه ، فقال له : من أنت (٦)؟ وما الذي أجلسك هنا؟ فذكر له قصته ، وما وقع له فى منامه ، فأعطاه الأمير أحمد مالا وقال له : اقض به دينك. وكان الأمير أحمد كثير الزيارة لقبور الصالحين والأولياء.
__________________
(١) العنوان من عندنا [وانظر الكواكب السيارة ص ٦٧].
(٢) فى «م» : «أن أناسا ثاورت» تحريف. وما أثبتناه عن المصدر السابق.
(٣) فى «م» : «مالا فانيا جمعه». وما أثبتناه عن المصدر السابق.
(٤) لزمه : تعلّق به ولم يفارقه.
(٥) ما بين المعقوفتين عن المصدر السابق ، وسقط سهوا من الناسخ فى «م» فى الموضعين.
(٦) فى المصدر السابق أن ابن طولون قال له : «مررت من هنا مرارا عديدة ما رأيتك إلا اليوم ...».