فصل
فى الأضحيّة على الميت
روى أبو طلحة (١) عن النبي ، صلّى الله عليه وسلم : «أنّه ضحّى بكبشين أملحين ، وقال عند ذبح الأول : عن محمد وآل محمد .. وقال عند ذبح الثانى : عمّن آمن بى وصدّقنى من أمّتى».
وفى حديث آخر : «كان إذا ضحّى يشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين ، فإذا صلّى وخطب للناس أتى (٢) أحدهما فذبحه بنفسه ويقول : عن محمد وآل محمد ، فيطعمهما جميعا للمساكين ، ويأكل وأهله فيهما ، فمكثنا سنين ليس رجل من بنى هاشم يضحّى ، قد كفاه الله المؤنة برسول الله ، صلّى الله عليه وسلم». [رواه أحمد بن حنبل فى مسنده](٣).
__________________
(١) هو الصحابى زيد بن سهل بن الأسود ، وهو مشهور بكنيته (أبى طلحة الأنصارى) من النقباء والبدريين ، وهو زوج أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك ، وهو الذي حفر قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ولحّده. وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينه وبين أبى عبيدة بن الجرّاح ، وكان يرمى بين يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم خلفه ، فكان إذا رمى رفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم شخصه لينظر أين يقع سهمه ، فكان أبو طلحة يرفع صدره ليقى رسول الله ويقول : «هكذا يا رسول الله ، لا يصيبك سهم ، نحرى دون نحرك ، ونفسى دون نفسك». وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «صوت أبى طلحة فى الجيش خير من مائة رجل». وقد قتل يوم «حنين» عشرين رجلا وأخذ أسلابهم. وروى عن أنس أن أبا طلحة قرأ سورة براءة ـ التوبة ، [بعد أن تقدمت به السن] ـ فأتى على هذه الآية : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) قال : أرى ربى يستنفرنى شابّا وشيخا ، فقال جهّزونى ، فقال له بنوه : قد غزوت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى قبض ، ومع أبى بكر ، ومع عمر ، فنحن نغزو عنك. فقال : جهّزونى ، فجهّزوه ، فركب البحر فمات ، فلم يجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلّا بعد سبعة أيام ، فلم يتغيّر. وقيل : توفى بالمدينة وهو ابن سبعين سنة. وقال المدائنى : مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين. وفى تاريخ وفاته اختلاف. [انظر أسد الغابة ج ٢ ص ٢٨٩ و ٢٩٠ ، وج ٦ ص ١٨١ و ١٨٢].
(٢) هكذا فى «ص» .. وفى «م» سقط منها قوله : «فإذا صلى» وفيها : «وخطب الناس ثم أتى ...».
(٣) ما بين المعقوفتين عن «م».