والده أبو عبد الله الحسين بن بشرى الجوهرى ـ رحمة الله عليه (١) :
كان من الأجلّاء الفضلاء ـ وكان من المكاشفين ، وله كلام على الخاطر ، ولم يكن فى وقته مثله زهدا وعبادة وورعا ، ولم يأت بعده مثله ، وله حكايات عن نفسه وعمّا شاهد ، وخوطب به.
قيل : إنه اجتمع مع الشيخ أبى القاسم الحسين بن الأنبارى ، قال ابن الأنبارى : سمعته يقول ذات يوم ، وقد ذكر عنده من يطلب الكيمياء ، فقال : العجب كل العجب أن ترى هذه الطريقة بعمل الكيمياء ، الله يعلم أنّ قوما تعرض عليهم مفروغة فما يأخذونها ، يا سبحان الله ، إذا وقف العبد بين يدى الله سبحانه يتناثر عليه البرّ ، فإن وقف عند شىء منه (٢) أوقف عند ذلك ، وإن لم يقف وكان ناظرا إلى المعطى كان المزيد على قدر ذلك!
وذكر عنده رجل ذات يوم كان يسير فى السّحاب فقال : إنى أعرف رجلا فى جامع مصر علا حتى رآه رجل (٣) ، وارتفع من الأرض وسار إلى السماء ، فقلت له : يا سيدى ، ما كان عليه؟ قال : كان عليه قباء بياض ، والشفاشف (٤) بين رجليه يلعب بها الريح ، فعلمت أنه هو الذي نظره.
وقال ابن الأنبارى أيضا : بتّ ليلة فى طارمة (٥) فى القرافة وحدى ، فجاء فى فكرى خاطر ، فقلت : فلان له ألف ركعة ، وفلان له كذا وكذا ، وقلت : يا نفس ، ما أعظم مصيبتك ، لم لا تكونى مثل هؤلاء؟! فقلت : والله
__________________
(١) فى «ص» : «المعروف بالجوهرى ، رحمه الله تعالى».
(٢) فى «م» : «عندى منه». والبرّ : الخير.
(٣) فى «ص» : «رجلا» بالنصب ، لا تصح.
(٤) القباء : ثوب يلبس فوق الثياب ، أو القميص ، ويتمنطق به. والشفاشف : الزيادة والفضل من الثياب ، أو الرقيق منها. وفى «م» : «والسقاسق» لا معنى لها.
(٥) الطّارمة : بيت من خشب ، كالقبة ، معرّبة من اللفظة الفارسية (طارم).