ذكر ابتداء الزيارة لقبور الصالحين من التابعين والعلماء والزّهّاد
خلا ممّن تقدم ذكرهم ممن استحقّ التقديم
وهم أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصحابته
قبر عنبسة (١) :
على ترتيب الزيارة لمن قصد (٢) خارجا من مصر من باب «الصفا» على الدرب المعروف بالشّعّارين (٣) ، فليسلك عن يمينه طالبا القبلة والشرق إلى باب السور الجديد (٤) إلى مصلى بنى مسكين القديم [يجد](٥) قبر رجل من الصالحين التابعين ، يقال إنّ اسمه «عنبسة» (٦). الدعاء عنده مستجاب ، وهو رجل من الدّفن الأول.
__________________
(١) هذا العنوان من عندنا.
(٢) فى «ص» : «لمن قصدهم».
(٣) فى «م» : «بالشّفّارين» ولم أقف عليه. وقد ذكر ابن الزيات فى الكواكب السيارة أن الشيخ موفق الدين بن عثمان ابتدأ بالزيارة من هذه الكيمان ـ أى المواضع والنواحى ـ لما فيها من المساجد والمدافن المعروفة بإجابة الدعاء. أمّا درب الصفا فهو درب كان يصل إلى مدينة القاهرة ، وهو الآن يعرف بشارع الأشرف والسيدة نفيسة.
(٤) فى «م» : «باب السرور». وفى الكواكب السيارة : «الباب الجديد». [انظر المصدر السابق ص ١٨٥].
(٥) فى «م» : «القديمة». وما بين المعقوفتين من عندنا لاستقامة المعنى. ومصلى بنى مسكين القديم كان يعرف بكوم المنامة ، وبنو مسكين ذرية مباركة ، كبيرهم الشيخ الإمام العالم القاضى الحارث ابن مسكين ولد سنة ١٥٤ ه وقيل سنة ١٥٥ ، وكان فقيها على مذهب الإمام مالك ، وانتهت إليه الرياسة فى زمنه. وقد عاصر محنة خلق القرآن وحمل إلى بغداد ، فأوقفه الخليفة المأمون بين يديه وقال له : ما تقول بخلق القرآن؟ قال : إيّاى تعنى؟ قال : نعم. قال : مخلوق! قال ابن عبد ربه فى العقد الفريد : فكفاه الله كيده ، وحسب أنه قال بخلق القرآن ، وليس الأمر كذلك. وكان رضى الله عنه إماما فى علوم شتى ، وله مصنفات فى علم التاريخ ، وعلم الميقات ، وعلم الآلات والساعات ، وولى قضاء مصر ١٢ سنة. وتوفى سنة ٢٥٠ ه. ودفن بمصلّاه المذكور تحت كوم المنامة ، وبهذه التربة نحو عشرين إماما من ذريته.
[انظر الكواكب السيارة ص ٤٧ ، والولاة والقضاة للكندى ص ٥٠٢ ـ ٥٠٥ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٣٠٨].
(٦) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «رجل من التابعين». ذكره ابن الزيات فيمن دخل مصر من الصحابة ، واختلف فيه ، فقال : هو عنبسة بن عدىّ ، وهو صاحب القبر المعروف بعنبسة ،