وعن سليمان بن بريدة (١) عن أبيه ، قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم : «قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فقد أذن لمحمد فى زيارة قبر أمه فزوروها ، فإنها تذكّركم الآخرة».
وروى عن فاطمة رضى الله عنها ، أنها كانت تزور قبر عمها حمزة فى الأيام ، وتبكى عنده.
وقال عبد الله بن أبى مليكة (٢) : توفى عبد الرحمن بن أبى بكر الصّدّيق رضى الله عنهما بالحبشة ، فحمل إلى مكة ودفن بها ، فلما قدمت أم المؤمنين عائشة ، رضى الله عنها ، أتت إلى قبره فقالت (٣) :
وكنّا كندمانى جذيمة حقبة |
|
من الدّهر حتى قيل لن يتصدّعا (٤) |
وعشنا بخير فى الحياة وقبلنا |
|
أصاب المنايا رهط كسرى وتبّعا |
فلما تفرّقنا كأنّى ومالكا |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا |
__________________
(١) فى «م» : «سليمان بريدة» خطأ.
(٢) هو أبو بكر ، وأبو محمد ، عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان القرشى ، قاضى مكة زمن ابن الزبير ، ومؤذن الحرم ، روى عن جده ، وعائشة ، وأم سلمة ، وعبد الله ابن عمرو بن العاص ، وابن عباس وطائفة. وكان إماما فقيها ، وحجة فصيحا ، متفقا على ثقته. وتوفى سنة ١١٧ ه. [انظر تذكرة الحفاظ ج ١ ص ١٠١ ، ١٠٢].
(٣) أى : قالت متمثّلة بشعر متمّم بن نويرة اليربوعى التميمى ، المتوفى سنة ٣٠ ه ، والذي قاله فى رثاء أخيه مالك بن نويره ، وكان شديد الحزن عليه.
(٤) فى «م» : «كندمانى خزيمة» ، والأخيرة تحريف ، والصواب ما أثبتناه ، وهو : جذيمة ابن الأبرش ، سمّى بذلك لبرص كان به ، وكان لا ينادم أحدا ذهابا بنفسه ، فلما أتاه مالك وعقيل بابن أخته الذي استهوته الشياطين ، قال لهما : احتكما ، فقالا له : منادمتك ، فنادماه أربعين سنة يحادثانه فيها ، ما أعادا عليه حديثا. وهما المعنيان بقوله : كندمانى جذيمة. وفى عيون الأخبار : حتى قيل لن نتصدعا ـ بالنون.
[انظر الأعلام ج ٥ ص ٢٧٤ ، وعيون الأخبار ج ١ ص ٣٨٧ ، والعقد الفريد ج ٧ ص ٧٥ ، وانظر الكواكب السيارة ، الفصل الرابع ص ١٤ وما بعدها].