ورأى بعض الصالحين رجلا ميتا ، فقال : كيف أنتم؟ فقال : نجتمع كل ليلة جمعة عند قبر «عقبة» كما يجتمع الفقراء على باب الغنيّ.
الوظيفة الثالثة : اجتناب المشى بين القبور والجلوس عليها ، كما روى أبو هريرة ، رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم : «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحترق (١) ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر». فثبت ذلك (٢) فى الجلوس على القبر ، وقسنا مشيه عليه ، لأنه فى معناه ، فإن لم يكن له طريق إلى قبر من يزوره إلّا بالدّوس ، جاز ، لأنّه موضع عبور.
وعن عقبة بن عامر ، رضى الله عنه : «لأن أطأ جمرة حتى تبرد ، وسيفا حتى تنقطع رجلى ، أحبّ إلىّ من أن أمشى على قبر رجل مسلم» (٣).
وقد تأوّل بعض العلماء : الجلوس على القبر فى الحديث المتقدم بقضاء الحاجة (٤) ، فقال : وممّا ينبغى أيضا خلع النّعلين ، فقد تقدم أن النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، التفت التفاتة ، فرأى رجلا يمشى بين القبور فى نعليه ، فقال : يا صاحب السّبتيّتين (٥) ألقهما ـ أو قال : انزعهما .. قال البغوىّ : كانت نعال أكثر أهل الجاهلية غير مدبوغة ، لأهل السّعة ، ويحتمل أن يكون رأى فيها قذرا .. وقيل : إن النعال السّبتية كانت مدبوغة بالقرظ ، محلوقة الشّعر ، تلبس للزّينة ، فكأنه كرهها ، لأن ذلك الموضع لا يدخل إليه إلّا على زىّ التواضع ولباس أهل الخشوع .. وقيل : إن أهل القبور يؤذيهم صوت النّعال .. والله أعلم بالصواب (٦).
__________________
(١) فى «ص» : «فيحرق ثيابه حتى يخلص ..».
(٢) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «فالحديث ذلك ..».
(٣) هذا الحديث عن «م» ولم يرد فى «ص».
(٤) فى «ص» : «لقضاء الحاجة». وما بعدها عن «م» وساقط من «ص».
(٥) فى «م» : «السّبتين» سبق التعليق عليها.
(٦) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».