الوظيفة الثامنة : القراءة ، فلا بأس بقراءة القرآن على القبر ، قال المروزى : سمعت أحمد بن حنبل ، رضى الله عنه ، يقول : إذا دخلتم المقابر فاقرءوا بفاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، والمعوّذتين ، واهدوها لهم ، فإنها تصل إليهم. قال الحافظ عبد الغنى ، رحمه الله تعالى : والذي رأيناه فى أمصار الإسلام ، شاهدناهم حيث يموتون ـ أو يموت الميت منهم ـ يقرءون القرآن عنده قبل دفنه ، وعلى قبره إذا دفن ، ويجتمعون على ذلك ويحرصون عليه ، ومن قدر على ذلك بنفسه فعله ، أو استعان بمن يمكنه الاستعانة به على ذلك .. ومنهم من يقرأ القرآن على قبر قريبه ، راجين من الله تعالى فى ذلك المثوبة والإحسان لهم ولميتهم ، ومن لم يفعل ذلك رأوه مقصّرا ، ولا ينكر ذلك منكر ، بل يحبونه ويستحبونه ، والله أكرم من أن يردّ قصدهم ، أو يخيّب ظنهم ، أو يمنعهم ما طلبوا.
وقد سمعت الحافظ أبا العز (١) عبد المغيث بن زهير الحربى يقول : لما قتل القاضى الشهيد أبو الحسن محمد بن محمد بن الفراء البغدادى ، رحمه الله ، ختم على قبره فى يوم واحد زيادة عن مائة ختمة ، وهذا لا يكون إلّا من جمّ. غفير (٢) ، ولتطابق (٣) مثل هذا القدر الكبير من الناس على مثل هذا وفعلهم له ، ولا منكر ولا عائب ، يصير كالإجماع.
روى عن عاصم ، عن زيد بن عبد الله ، قال : إنّ الله تعالى نظر فى قلوب العباد فوجد قلب محمد صلّى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، وبعثه (٤) برسالته ، ثم نظر قلوب العباد بعد قلبه [فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد بعد قلبه](٥) ،
__________________
(١) فى «ص» : «العزيز» تصحيف.
(٢) الجمّ الغفير : الجمع الكثير.
(٣) فى «ص» : «ويطابق».
(٤) فى «ص» : «وابتعثه».
(٥) ما بين المعقوفتين عن «ص» وساقط من «م».