للشيخ مسألة : فقال : لا نقدر على جوابه. فقال (١) : لابد من ذلك. ففطن الفقيه ، فقال للشيعى : سل أنت عمّا بدا لك ، لا حاجة إلى واسطة. فقال له : من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقال الفقيه : أول من آمن به وصّدّقه. فقال [الشيعى](٢) : هو علّى بن أبى طالب. فقال الفقيه ما كفر علىّ قط. فخجل الشيعىّ من كلامه واستحيا وسكت ، فقال له السلطان : غلبك الفقيه.
وكان من فضائله أنه كان ذا علوم جمّة ، وكان يحفظها كما يحفظ أحدنا «بسم الله الرحمن الرحيم» ولما أراد السفر إلى مصر قال له الطّرطوشى : يا عمر ، إذا ذهبت (٣) إلى مصر فإنك تجد فيها اختلاف المذاهب والرأى ، فلا تناظر ولا تجادل من سألك على ما تعلم وأنت تعلم ، فأخبره بما تعلم ، قال النّبيّ ، صلّى الله عليه وسلم : «من قرأ العلم ليباهى به العلماء ، ويقاوى به السّفهاء (٤) ، فليتبوّأ مقعده من النار». فإن لله علما يقال له «المكنون» ، لا يعلمه إلّا أهل الخبرة بالله ، ولا ينكره إلّا أهل الغرّة (٥) بالله ، فإذا كان يوم القيامة جمع الله العلماء فى صعيد واحد ، فيوضع لهم كراس (٦) من نور ، فيحاسبون والناس قيام ، فيقول الله لهم : «ما أودعتكم العلم وأنا أريد أن أعذّبكم ، انطلقوا فقد غفرت لكم». وفى رواية أخرى : «اشفعوا فيمن شئتم» الحديث (٧).
وعند رجليه قبر الفقيه ابن ثعلب المالكى.
__________________
(١) أى : الشيعى.
(٢) ما بين المعقوفتين من عندنا.
(٣) فى «م» : «طلعت».
(٤) وفى رواية : «من تعلّم العلم ليباهى به العلماء ويمارى به السفهاء ...» أى : يجادلهم.
(٥) الغرّة : الغفلة.
(٦) فى «م» : «كراسى» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٧) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».