فرس ، فقال له : انزع (١) القماش ، فخلع ثيابه وأبقى السّراويل ، فقال له : انزع السراويل (٢) ، قال : فخلعه ورمى به وقال : خذه وامض فى اليم ، فأخذه فهرب به الفرس حتى أدخله اليمّ ، وخاف على نفسه الهلاك ، فقال فى نفسه : ما أوتيت إلّا من قبل الذي أخذت ثيابه (٣) ، فعقد مع الله توبة خالصة ، فرجعت الفرس وطلع سالما ، فجاء إلى القرافة وطلب الشيخ (٤) ، فوجده ، فلما رآه الشيخ أبو الفضل تبسّم وقال له : اترك القماش وامض.
قبر أبى الطيب الهاشمى (٥) :
وبجانبه إلى البحرى قبر الشيخ أبى الطيب الهاشمى (٦) ، المعروف بابن بنت الشافعى ، رضى الله عنه. كان من الزهاد العلماء ، صحب أبا بكر أحمد ابن نصر الزّقّاق وغيره من مشايخ القوم (٧) ، وكان من السالكين للطريق (٨) ، فسمع الحديث الكثير (٩) ، وروى عن المشايخ ، وكان يقول : «الصلاة تبلغك نصف الطريق ، والصوم يبلغك باب الملك ، والصّدقة تدلك عليه».
__________________
(١) فى «ص» : «اقلع» مكان «انزع» فى الموضعين ، وهى بمعناها.
(٢) السراويل : لباس يغطّى السّرّة والركبتين وما بينهما. يذكّر ويؤنّث.
(٣) فى «ص» : «قماشه». يعنى : أن ما حدث لى لم يكن ليصيبنى إلا بسبب الرجل الذي أخذت ثيابه.
(٤) فى «ص» : «الرجل».
(٥) العنوان من عندنا.
(٦) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «أبى الطيب وأبى العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن إسماعيل ابن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى القرشى.
(٧) فى «م» : «من المشايخ» يعنى المتصوفة. وفيها «الدقاق» مكان «الزقاق» وما أثبتناه هو الصحيح ، نسبة إلى بيع الزق.
(٨) فى «ص» : «السالكين الطريق» أى الطريق إلى الله سبحانه وتعالى. والطريق عند الصوفية هو اتباع السّنّة المباركة. وللطريق آداب ، منها : ترك شهوات النفس ، والتخلق بأخلاق الله عز وجل ، وعدم المجاوزة لأوامر الله ، وترك الانتصار للنفس حياء من الله. وأول الطريق إلى الله مداومة الذكر والتزام العمل الصالح.
(٩) قوله : «فسمع الحديث الكثير» عن «ص» وساقط من «م».