قال أبو العباس أحمد : سمعت الحارث بن مسكين يقول : كان ابن القاسم كثير العلم والزّهد والسخاء والشجاعة ، وكان مجاب الدعوة ، وأحد الأعلام القائمين بمذهب مالك. أنفق أموالا جمّة فى طلب العلم.
وقال النسائى : ثقة مأمون ، وأحد الفقهاء.
وعن مالك أنه ذكر عنده عبد الرحمن بن القاسم ، فقال : «عافاه الله ، مثله كمثل جراب فيه مسك». وصحب مالكا عشرين سنة ، وانتفع به أصحابه بعد موته. وكان مالك شيخه فى العلم ، وشيخه فى الورع والعبادة سليمان (١).
وقال الحارث : سمعت ابن القاسم يقول : رأيت فى المنام كأنّ قائلا يقول : إنّ الله يصلّى عليك وعلى سعيد بن زكريا ، يعنى سعيد الأدم (٢).
وحكى عنه ـ رحمه الله ـ أنّ رجلا من التّجّار أودع عنده مائتى دينار ، فأخذها الشيخ وخبّأها فى مكان عنده فى داره ، فجاءت زوجته وأخذتها ، وجهّزت ابنته بها وزوّجتها ، فجاء صاحب المال وطلبه ، فدخل الشيخ ليأتيه به فلم يجده ، فقال لزوجته : أين مال الرجل؟ فقالت له : قد جهزت به ابنتك.
فقال لها : كيف العمل؟ فقالت له : علىّ ردّها إن شاء الله تعالى. فقال لها : من أين؟ فقالت له : من كنز لا ينفد ، فقل لصاحبها أنظرنى (٣) إلى الغد! فجاء ابن القاسم إلى الرجل وقال : أنظرنى إلى الغد ، فإنّ هناك ضرورة (٤).
__________________
(١) يعنى سليمان بن القاسم الزاهد المصرى.
(٢) هو سعيد بن زكريا الأدم المصرى ، أبو عثمان ، كان له عبادة وفضل ، وتوفى بإخميم سنة ٢٠٧ ه. [انظر حسن المحاضرة ج ١ ص ٢٨٥].
(٣) أنظرنى : أمهلنى.
(٤) فى «م» : «فإنّ ثمّ هناك ضرورة» وثمّ بمعنى هناك ، فهو تكرار.